الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة لحكم أذى الزوجة لزوجها ولأهله فقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 1032. ولا يحق لها أن تمنع ابنتها من إخوانها ولا أن تمنعهاعنك فإن ذلك من قطيعة الرحم المحرمة، وقد قال عز من قائل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. { محمد:22، 23}.
وخلاصة الأمر – أيها السائل- أن زوجتك هذه ناشز, وقد أرشد الله الأزواج في حال نشوز زوجاتهم بقوله: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً {النساء:34}. وقد نص المفسرون والفقهاء على لزوم التدرج على النحو الذي ذكرته الآية الكريمة. قال الإمام الرازي في تفسيره: والذي يدل عليه نص الآية أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريقة الأخف وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريقة الأشق. انتهى. وقال الكاساني الحنفي: فإن كانت ناشزة فله أن يؤدبها، لكن على الترتيب، فيعظها أولاً على الرفق واللين، فلعلها تقبل الموعظة فتترك النشوز، وإلا هجرها، فإن تركت النشوز فبها، وإلا ضربها. انتهى.
والمقصود بالضرب هنا في الآية: هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة، قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه .
فإن لم تستجب المرأة بعد ذلك فيندب للرجل أن يطلقها ولا يمسكها, فقد أخرج الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله، وقد قال عزّ وجل: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ. {النساء:5}. قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق(بالضم) فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.
بل يجوز لك أيها السائل والحال ما ذكرت أن تعضلها وأن تعنتها لتفتدي منك. قال تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ. {النساء:19}. فقد ذهب ابن جرير رحمه الله إلى أن الفاحشة المبينة تعم النشوز والزنا وبذاء اللسان.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35735، 79179.
والله أعلم.