الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزى الله السائل الكريم خيراً على حرصه على تعظيم اسم الله وصيانته عن الابتذال، فإن هذا من تعظيم شعائر الله الدال على تقوى القلوب، قال سبحانه: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}، فلا شك ولا خلاف في لزوم تعظيم اسم الله تعالى، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في حدود المقاصد الشرعية، والتي منها رفع الحرج والمشقة عن العباد، كما قال الله تعالى: مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}، وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا. رواه البخاري. قال ابن حجر: والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب. قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع.. وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد: إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة، وخير دينكم اليسرة. وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع. انتهى.
والمقصود أن ننبه السائل الكريم على أن تشديده على نفسه في هذا الباب من الوسوسة المذمومة، وهي باب مشهور للوقوع في العنت والمشقة، فلا تفتح على نفسك هذا الباب، واكتف بحفظ أو إحراق أو دفن ما وجدته ورأيته بالفعل مما فيه اسم الله تعالى دون تعمق وتفتيش، فإن العبد إذا فتح على نفسه باب الوسوسة وقع فريسة للشيطان، يلبس عليه ويصرفه عن أعماله، كما وقع للسائل نفسه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. قالها ثلاثاً. رواه مسلم. قال النووي: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. انتهى.
وللفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 5148، 10355، 54808، 64649.
والله أعلم.