الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أحسنَ الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وخيرُ الأمر ما كان عليه السلف الكرام رضي الله عنهم، وقد صلى الصحابة التراويح زمنَ عمر رضي الله عنه وبعده، ولم ينقل عنهم قراءة الإخلاص ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا التسبيح والتهليل بين ركعاتها.
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 69133.
والمشروعُ الاستراحة بين الركعات في التراويح، فهي إنما سميت بهذا الاسم للتّروح بين ركعاتها ، والمشروع للمصلين أن يشتغل كل واحدٍ منهم في خاصة نفسه بالذكر أو القراءة، أو يسكت ليستريح من طول القيام، ولما بَعُد الناس عن هذا الهدي، وأحدثوا هذه الأذكار المبتدعة، وكانوا إذا نُهوا عنها يحدثُ منهم الصخب واللغط، استحسن كثيرٌ من أهل العلم وطلبته أن يُجمعوا على موعظةٍ يكونُ فيها ترقيقٌ لقلوبهم، وأمرٌ لهم بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وبخاصة مع كثرةِ الجمع وتهيؤ الناس للفهم والقبول لما يغشاهم من بركات رمضان، ونحنُ لا نرى حرجاً في فعل هذه الموعظة لما فيها من المصالح الراجحة، كتعليم الجموع الكثيرة التي قد لا يتأتى اجتماعها في غيرِ هذا الوقت ، وتقليلِ صخبهم وتشويشهم أثناء الترويحة، لكن ينبغي أن تترك أحياناً خشيةَ أن يعتقد الناسُ أنها من السنة.
وفي فتاوي الشيخ العثيمين لقاء الباب المفتوح: لا مانع، إذا قام إلى التسليمة الثانية ورأى أن الصف قد اعوج، أو أن المصلين قد تمايزوا وتفرقوا وصار فيهم فرجة، فليقل: استووا أو تراصوا، ولا حرج. أما الموعظة فلا، لأن هذا ليس من هدي السلف, لكن يعظهم إذا دعت الحاجة أو شاء بعد التراويح، وإذا قصد بهذا التعبد فهو بدعة, وعلامة قصد التعبد أن يداوم عليها كل ليلة. انتهى.
وفي قوله رحمه الله (إذا دعت الحاجة) شاهدٌ لما ذكرناه خاصة مع فشوّ الجهل وكثرة المنكرات.
والله أعلم.