الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج همك ويكشف كربك. واعلم أنه يمكنك تحصيل العلم وتصحيح قراءتك للقرآن عن طريق سماع الأشرطة النافعة للعلماء والدعاة وقراء القرآن، وهذه الأشرطة بحمد الله متوفرة في كثير من المواقع، وإذا كان حال هذه البلد ما ذكرت فإنه يجب عليك الهجرة منها مع القدرة، لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:97}، قال الألوسي في روح المعاني: اعتذروا عن تقصيرهم في إظهار الإسلام وعن إدخالهم الخلل فيه وعن العجز عن القيام بواجبات الدين بأنهم كانوا مقهورين تحت أيدي المشركين، وأنهم فعلوا ذلك كارهين، فلم تقبل الملائكة عذرهم لأنهم كانوا متمكنين من الهجرة، فاستحقوا عذاب جهنم لتركهم الفريضة المحتومة. انتهى.
ومقتضاه أن من كان مقهوراً لا يقدر على الهجرة حقيقة لضعفه أو لصغر سنه، وسواء أكان رجلاً أم امرأة بحيث يخشى التلف، فلو خرج مهاجراً فذلك عذر في الإقامة وترك الهجرة، وقد صرحت بهذا المعنى الآيتان التاليتان للآية السابقة وهما: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً {النساء:98}، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8614.
والله أعلم.