الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلاقة بين المرأة والرجل الأجنبي قد وضع الشرع لها حدوداً وآداباًُ تحفظ كرامة المرأة وتصون عرضها وتحمي المجتمع من الفساد الأخلاقي، وتحافظ على طهارته، فلم يجعل الله طريقاً للاستمتاع بالمرأة الحرة إلا الزواج، وحرم كل طريق غيره.
قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإ سراء:32}.
والزنا الموجب للحد هو إيلاج فرج الرجل في فرج المرأة التي لا تحل له، ولكن ذلك لا يعني أن ما دون ذلك من الاستمتاع المحرم ، أمر هين أولا يسمى زنا بل هو إثم كبير، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وقد كان ينبغي لك أيتها الأخت السائلة أن تسألي عن حكم الشرع فيما ارتكبت من إثم، وكيف تتوبي منه، لا أن تقتصري على السؤال عن كيفية حدوث الحمل، فعليك المسارعة بالتوبة إلى الله مما اقترفت، وذلك بالإقلاع عن هذا الذنب، واستشعار الندم على الوقوع فيه، والإحساس بالحياء من الله الذي سترك بحلمه فلم يفضحك في الدنيا وأتاح لك فرصة التوبة قبل أن يفجأك الموت ، ثم بالعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب ، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، مع الحرص على التزام الحجاب والتخلق بالحياء، والبعد عن مخالطة الرجال، وغض البصر، وتجنب مشاهدة ما يغضب الله سواء في التلفاز أو الصحف والمجلات، وتجنب رفيقات السوء، مع الاستعانة بالله والتوكل عليه، والإكثار من الأعمال الصالحة، والحرص على تعلم أمور الدين اللازمة، وتقوية الصلة بالله، مع سترك على نفسك، فلا ينبغي أن تذكري هذا الذنب لأحد. ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. رواه البخاري، ومسلم.
أما عن الحمل فإنه إذا أنزل الرجل ووصل ماؤه إلى رحم المرأة ولو لم يحدث إيلاج فإنه قد يحدث الحمل.
والله أعلم.