الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}
فلا يجوزُ لأحدٍ أن يصلي الصلاة قبل وقتها إلا لمن أراد الجمع لعذرٍ يبيحه، ووقتُ العشاء يدخل بمغيب الشفق الأحمر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، ويؤيد قول الجمهور حديث: الشفق الحمرة. روي مرفوعاً وموقوفاً والموقوف أشبه كما قال ابن عبد الهادي، فلا يجوز لكَ أن تصليَ وأنت شاكٌ في دخول الوقت.
قال ابن قدامة: إذا شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن دخوله، أو يغلب على ظنه ذلك. وقال أيضاً: ومن أخبره ثقة عن علم عمل به، لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد كالرواية، وإن أخبره عن اجتهاده لم يقلده واجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه. اهـ
فإذا كنت قادراً على معرفة الوقت بالاجتهاد وجب عليكَ تحري ذلك، وإلا فالواجب عليك أن تقلد من تثق به لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا لم يغلب على ظنك صدقُ هذا المخبر بدخول وقت العشاء لم يجز لكَ تقليده في ذلك ولا الصلاة بخبره، ووجب عليكَ أن تصلي عندما يغلب على ظنك دخول الوقت.
وحرصك على الجماعة أمرٌ تُحمدَ عليه وهي واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا تجب في المسجد عند أكثر العلماء، فإن استطعت أن تصلي جماعة ولو في بيتك لزمك ذلك، ومن يوجبها في المسجد إنما يوجبها في المسجد إذا كان يبلغك صوت المؤذن لو أذن فيه بغير مكبر الصوت، وهذا ما نظنه بعيدا في حالتك هذه، ولكن لا يخفى عليك ما في حضور المسجد من المنافع الدينوية والأخروية وعظم الأجر في الخطوات إليه. فثابر على ذلك وواظب عليه فأجرك على قدر نصبك، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك حرصاً على الطاعة وتحري الحق.
والله أعلم.