الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إكرام الجار والإحسان إليه من الإيمان ومن آكد أبواب الإحسان، فقد أوصى الله سبحانه وتعالى في كتابه بالجار، فقال: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} {النساء:36}، وأكد على هذا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، ففي الصحيحين عن أبي شريح العدوي قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره... الحديث.
ثم إكرام الجار لا يقتصر على حسن ضيافته أو التصدق عليه إن كان فقيراً - وإن كان هذا مطلوباً - بل هو أعم من ذلك، فيشمل: الإحسان إليه وعدم إيذائه، وتفقد أحواله، والسلام عليه، وعيادته إذا مرض، والإهداء له ولو لم يكن محتاجاً، وحسن ضيافته إذا زارك، وإقراضه إن احتاج، وكف الأذى عنه، والصبر على أذاه إن حصل، وتهنئته إن أصابه خير، ومواساته إن أصابه مكروه، بل ومن إكرام الجار ما يكون حتى بعد موته وذلك باتباع جنازته، ولعظم حق الجار، قال صلى الله عليه وسلم: ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه البخاري ومسلم.
وسبق تفصيل حقوق الجار وفضل الإحسان إليه في فتاوى كثيرة يمكن أن ترجع إليها ومنها الفتوى رقم: 36092، والفتوى رقم: 38409 في حق الجار، والفتوى رقم: 60224.
والله أعلم.