الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر لنا أنك تسأل عن حكم من يأكل أموال الناس بالباطل عن طريق التحاكم إلى القوانين الوضعية، وقد سبق في الفتوى رقم: 6856 بيان أن أخذ أموال الناس بالباطل من كبائر الذنوب وأقبحها، وفاعل ذلك مستحق للعقاب في الدنيا، وهو متوعد في الآخرة بدخول النار وبئس القرار.. وأكل أموال الناس بالباطل لا يجوز ولو حكم بذلك حاكم شرعي استناداً لظاهر الأمر، وقد سبق في الفتوى رقم: 74152 بيان أن خطأ الحاكم ونحوه لا يحل الحرام، كما في صحيح البخاري. عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله وسلم قال: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها.
ولا شك أن فعل ذلك استناداً للقوانين الوضعية أشد إثماً.. وسبق في الفتوى رقم: 55851 أن من استحل الكبائر المتفق عليها أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة فإنه يكفر، واستحلال الكبائر يكون بمجرد اعتقاد حلها وإن لم يفعلها المستحل لها، قال الإمام ابن قدامة في المغني: من اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنى وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر، لما ذكرنا في تارك الصلاة، وإن استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل، فكذلك. انتهى.
فإذا كنت تقصد باستحلال أكل أموال الناس بالباطل اعتقاد حلها فإن من فعل ذلك يكفر، أما إن كان المراد أن يتساهل في ذلك ويتأول لنفسه بلا ورع ولا حياء فإنه يكون مرتكباً لكبيرة من الكبائر، فإن استعان على أكل أموال الناس بالباطل بالقوانين الوضعية -دون استحلال لها أو تفضيل لها على أحكام الشريعة- فإنها كبيرة أخرى.
والله أعلم.