الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالولي يكون عاضلا لمن في ولايته إذا امتنع من تزويجه من كفء ولم يكن له في امتناعه عذر مقبول، وليس من العذر كون الخاطب من غير مدينة المخطوبة، وإذا لم يكن لأهلك من العذر في الامتناع عن تزويجك غير ما ذكر فإنه يعتبر عاضلا لك، فندعو الله أن يقرب بينك وبين والديك, وأن يهديهم للتمسك بأهداب الدين الحنيف وأن يثبتك على برك لهما, ويجعل في قلبيهما الحب والعطف عليك.
واعلمي أنك في اختبار صعب ولا نجاح فيه إلا بالاستعانة بالله والتوكل عليه والتزام الدعاء والتضرع والبكاء بين يديه, والحل العملي (الشكوى للقاضي) لمشكلتك ترفضينه برا بوالديك فجزاك الله خيرا.
فحاولي أن تستعيني ببعض أقاربك أو أصدقاء والديك ليتركانك تتقربين إلى الله وهما أول المستفيدين من بركة ذلك, واعلمي أنك في زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر, وسيجعل الله لك فرجا ومخرجا, ولا تنزوي بل تعاوني مع بعض صديقاتك في الله في عمل الخير، وحاولي جذب أخواتك وأمك معك عسى أن يرق قلبها ويزين الله فيه الإيمان ويكون في ذلك فرج لك وسعادة وسط أهلك.
ثم ما ذكرته من العصبية وأن رفع الصوت أمر وراثي في العائلة ليس حجة لك في رفع الصوت على أبويك، وإن المرء مطالب بتعديل أخلاقه وتكييفيها مع شرع الله.
واعلمي أنه لا يجوز لك أن تطيعي والديك في التبرج أو في أي شيء آخر مناف للدين فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ كما في الحديث الشريف.
ونسأل الله أن يعينك على بلوغ غايتك ويرزقك ما تقر به عينك.
والله أعلم.