الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يلي أمر تلك الفتاة وولايتها هو والدها لأن ما ذكرت عنه فسق لا يسقط الولاية على الصحيح؛ إلا أن يكون جاحدا لوجوب الصلاة أو مستحلا لما يرتكبه من الكبائر وأقيمت عليه الحجة في ذلك فإنه يكفر، وتسقط ولايته بعد إقامة الحجة عليه، والظاهر من السؤال أنه ليس كذلك وإنما هو مفرط في جنب الله ظالم لنفسه فاسق بتقصيره فلا تسقط ولايته، وإليك كلام أهل العلم في عدم سقوط الولاية بالفسق.
قال خليل بن إسحاق المالكي ممزوجا بكلام شارحه: لا ذي فسق فلا يسلبها -يعني الولاية- على المشهور، لكن يسلب الكمال. اهـ.
وقال المرداوي الحنبلي: الرواية الشافية: لا تشترط العدالة، فيصح تزويج الفاسق. اهـ.
وقد أفتى الشيخ عبد الرحمن السعدي وهو من علماء الحنابلة المحققين بأن القول بسقوط ولاية الفاسق مناقض للأدلة الشرعية، والصواب بقاء ولايته لأولاده على مالهم ونكاحهم وحضانتهم..
وبناء عليه، فولاية تلك الفتاة إنما هي لأبيها، وإن كان ارتكابه لتلك المعاصي وتهاونه بالدين أمرا خطيرا ووزرا كبيرا سيما تركه الصلاة، فقد قال بعض أهل العلم بكونه كفرا ولو تهاونا، لكن قول الجمهورعدم تكفير تاركها تهاونا وكسلا، فينبغي أن ينصح ويذكر ويخوف من عاقبة فعله لعله يتوب إلى الله عز وجل.
ولم نفهم مقصود السائل بقوله (كبائر مصر عليها عنادا وجحودا) فإن كان يقصد المبالغة في وصف هذا الرجل بالمعاصي والإصرار عليها فإن ذلك لا يخرجه من الإسلام، أما إن كان ينكر تحريم ما علم تحريمه بالضرورة كالزنى وشرب الخمر فإن ذلك كفر، لكن لا بد من إقامة الحجة عليه وانقطاع أعذاره.
فينبغي الحذر كل الحذر من التكفير والتهاون في شأنه فلا بد من التحقق من توفرشروطه وانتفاء موانعه وإقامة الحجة قبل إطلاقه على المعين لما يترتب عليه من أحكام شرعية خطيرة، وللوقوف على تفصيل ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43004، 721، 4132.
والله أعلم.