خلاصة الفتوى: لا يجوز شهود المنكر لمن يمكنه أن يتباعد عنه، ويتنافى ذلك مع إنكار المنكر الواجب على المسلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحيث يمكنك السفر بغير شهود لهذا المنكر فانه لا يجوز لك السفر في هذه الطائرة التي تقدم فيها الخمور وتشهد فيها من كبائر الذنوب ما لا تشاهده في غيرها ؛ لما رواه الإمام أحمد من حديث عمر مرفوعا: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر .صححه الألباني.
ولأن أدنى درجات إنكار المنكر والتي هي الإنكار بالقلب والتي لا يبقى بعدها مثقال ذرة من إيمان تتنافى مع شهوده مع إمكان القيام عنه. بل ربما كان ذلك علامة رضا الشاهد بالمنكر أو على أقل الأحوال عدم الغيرة على حرمات الله أن تنتهك .
وجاء في تفسير القرطبي لقوله تعالى: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم إذا مثلهم) قال : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، فكل من جلس في مجلس معصية وجب أن ينكر عليهم ، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ قوما يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية (إنكم إذا مثلهم) أي إن الرضا بالمعصية معصية، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا أجمعهم.. انتهى بحذف يسير.
ولا شك أن مقاطعة المسلمين مع كثرة عددهم لطيران هذه الشركات مما يكون له الأثر في تغيير المنكر ، وحتى إن لم يحصل ذلك فمعذرة إلى ربنا ولعلهم يتقون .
والله أعلم.