خلاصة الفتوى:
لا حرج على المرء في السفر لطلب الرزق، والمقام في بلاد الحرمين أفضل من المقام في غيرها، إذا كان المرء مقيماً بمكة المكرمة أو المدينة المنورة، وعلى السائل أن لا يقطع الصلة بإخوته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك في السفر الذي قلت إنك فعلته طلباً للرزق، فإن أهل العلم قد صرحوا بأن للابن السفر للحج والعمرة والتجارة ونحوها... ولو كره بذلك أبواه، قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة... انتهى.
وقال النووي في المجموع: إذا أراد الولد السفر لطلب العلم فقد جزم المصنف في أول كتاب السير بأنه يجوز بغير إذن الأبوين، قال: وكذلك سفر التجارة لأن الغالب فيها السلامة. انتهى.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: منها: تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه، ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم والتجارة. انتهى... فإذا جاز للابن السفر لمثل هذه الأغراض ولو كره ذلك الأبوان فإنه أحرى بالجواز إذا لم يكن فيه سوى أنه ابتعاد عن الإخوة.
أما عن الآية التي أوردتها في السؤال فإنها إذا لم تكن حجة لك في الترغيب في هذا السفر فإنها ليست حجة عليك، فبلاد الحرمين هي أفضل البلاد، والعبادة فيها أفضل من العبادة في غيرها، وفيها يتمكن المرء من أداء الحج والعمرة بشكل دائم إن أراد ذلك.. ونقصد ببلاد الحرمين مكة والمدينة، وعلى أية حال فإنا لا نرى أنك بهذا السفر قدمت ما لا يستحق التقديم، وعليك أن لا تقطع الصلة بإخوتك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك للخير.
والله أعلم.