خلاصة الفتوى: لا يجوز الحلف بالله كذبا ولو لاستخلاص حق، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب.
فبالنسبة للحلف على الكذب أو حتى الكذب بدون حلف فالأصل أنه محرم ولا يجوز على أي حال إلا ما استثني كما سيأتي.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: كما أن شهادة الزور والكذب حرام وإن قصد به التوصل إلى حقه. اهـ
وإذا كان الكذب الصريح غير جائز ففي التورية والتأويل مندوحة عنه لأخذ الحق من جاحده.
جاء في كشاف القناع: وإن كان الحالف مظلوما كالذي يستحلفه ظالم على شيء لو صدقه أي أخبر به على وجه الصدق لظلمه أو ظلم غيره أو نال مسلما -قلت أو كافرا محترما- منه ضرر فهنا له تأويله. انتهى.
والتأويل هو أن يريد الحالف بلفظه ما يخالف ظاهره، فيمكن لقريبتك إن لم تستطع أخذ أولادها إلا بهذا الطريق أن تحلف ناوية أنها ليست السبب الأصلي أو الأول أو الأوحد لسجنه، وإنما سجن بما اقترفت يداه وما ارتكب من جرائم.
هذا، وقد رخص في الكذب -فيما إذا ترتبت عليه مصلحة شرعية من جلب نفع أو دفع ضر لا تتحقق بدون الكذب- بعض أهل العلم بل قالوا إنه قد يجب في بعض الحالات، وذلك على حسب أهمية الأمر المقصود منه.
قال ابن حزم في كتاب الإجماع: اتفقوا على تحريم الكذب إلا في الحرب ومداراة الرجل امرأته وإصلاح ذات البين ودفع مظلمة مرادة بين اثنين مسلمين أو مسلم وكافر. اهـ
لكن هذا الحكم مع غير الحلف كما هو ظاهر، وقد يختلف الحال مع الحلف لما في الكذب عندئذ من الاستهانة بالله عز وجل وعدم تعظيم اسمه.
لذا فالذي ينبغي أن يستعمل الإنسان في هذه الحالات التورية -كما بينا- وهي أن يقصد بعبارته معنى صحيحا ليس المتكلم كاذبا بالنسبة إلى ذلك المعنى، وإن كان كاذبا بالنسبة لظاهر اللفظ ولفهم المخاطب، ولا يلجأ إلى الكذب مع إمكانها.
فإن كان هذا الحلف قد وقع فعلا فنرجو أن يكون لا حرج عليها لجهلها بالحكم أو لشبهة الاضطرار، وعليها بالاستغفار. وأما الكفارة فإنه لا كفارة فيه لأن الكفارة إنما تجب على اليمين المنعقدة على أمر يفعله أو لا يفعله في المستقبل لا غير، كما هو مذهب جماهير العلماء.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم:50157 ، 78039.
والله أعلم.