الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمصلي الاستفتاح، والتعوذ، والبسملة بعد تكبيرة الإحرام، وقد سبق بيان ذلك تحت الفتوى: 1134، 8842.
وأما عن تكرار الاستعاذة في كل ركعة، فمذهب الجمهور أنها تختص بالركعة الأولى، وذهب الحسن، وعطاء، وإبراهيم النخعي، وهو مذهب الشافعية، إلى استحبابها في كل ركعة، واستدلوا بعموم قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98].
ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن، وهي أعم من أن يكون القارئ خارج الصلاة، أو داخلها، وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة، تدلُّ على المنع منه حال الصلاة، من غير فرق بين الاستعاذة وغيرها، مما لم يرد به دليل يخصه، ولا وقع الإذن بجنسه، فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط، على ما دلّت عليه الأحاديث، كحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة استفتح، ثم يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه، ونفثه. رواه أبو داود، والترمذي.
وأما الفاتحة فيبدأ بالبسملة عند تلاوتها كل مرة، يجهر بها تارة في الجهرية، ويسر بها أخرى في الجهرية أيضًا، وكان إسراره صلى الله عليه وسلم بها أكثر من جهره، وقد مضى بيان ذلك مفصلًا في الفتوى: 5255.
والله أعلم.