الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسلم مطالب بحب المسلمين وحب البلاد الإسلامية كلها والدفاع عنها، سواء كان ذلك البلد موطنه الذي ولد فيه أو لم يكن، وانتماء المسلم يجب أن يكون إلى الإسلام أينما كان، فلا نسب ولا وطن ولا جنسية ولا قومية ولا فضل للمسلم إلا في الإسلام، قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، وروى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم برجال، أو ليكونُن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النت. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وقد تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة. رواهما البخاري. مع أن الإسلام لا يرفض الانتماء إلى بلد معين أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز، لا من باب الفخر والتميز، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، والضابط في اختيار الصحبة ليس هو كونهم من هذا البلد أو ذاك، وإنما المعيار لذلك هو كونهم صلحاء يذكرون بالخير ويدلون عليه.
وعليه فحبك للشباب المذكورين لسبب كونك قد تعلمت منهم الحق والصدق والهمة والجود... ونحو ذلك من الأخلاق الفاضلة يعتبر صواباً، ولكن انتماءك يجب أن يبقى دائماً إلى من كان فيه مثل تلك الصفات، لا من كان من هذا البلد أو ذاك.
والله أعلم.