الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن المرأة المذكورة إذا كانت تاركة للصلاة بالكلية، فإنها بذلك تعتبر كافرة خارجة عن الملة، وإن كانت تصلي أحيانا وتتركها أحيانا، فإنها بذلك لا تعتبر كافرة، ولكنها فاسقة فسقا شديدا، والعياذ بالله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 17277.
وفيما يتعلق بموضوع السؤال، فعلى تقدير فسق المرأة وأنها لم تكفر، فما تم بينها وبين ذاك الرجل النصراني يعتبر نكاحا باطلاً؛ لإجماع المسلمين على بطلان زواج المسلمة من كافر، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {البقرة:221}.
فالواجب فسخ هذا النكاح، وإذا تابت وانقضت عدتها من وطئه الفاسد فلا حرج في أن يتزوجها من جديد، وعلى تقدير ردتها فإن من أهل العلم ما يرى فيها مثل ذلك أيضا؛ لأتها لا تقر على ردتها، جاء في نصب الراية للزيلعي: (ولا يجوز أن يتزوج المرتد مسلمة ولا كافرة ولا مرتدة); لأنه مستحق للقتل والإمهال ضرورة التأمل, والنكاح يشغله عنه فلا يشرع في حقه (وكذا المرتدة لا يتزوجها مسلم ولا كافر); لأنها محبوسة للتأمل وخدمة الزوج تشغلها عنه, ولأنه لا ينتظم بينهما المصالح، والنكاح ما شرع لعينه بل لمصالحه...
وجاء في حاشية الجمل: (ولا تحل مرتدة) لأحد، لا من المسلمين: لأنها كافرة لا تقر، ولا من الكفار لبقاء علقة الإسلام فيها...
ورأى بعض أهل العلم أن من تزوجت في ردتها من كافر ثم أسلما، فالصواب أن يقرا على نكاحهما، قال ابن تيمية في الفتاوي الكبرى: ولو تزوج المرتد كافرة مرتدة كانت أو غيرها، أو تزوج المرتدة كافر ثم أسلما، فالذي ينبغي أن يقال هنا أنا نقرهم على نكاحهم أو مناكحتهم كالحربي إذا نكح نكاحا فاسدا ثم أسلما فإن المعنى واحد...
والذي نراه أقرب إلى الورع في هذه المسألة هو أن تنفصل هذه المرأة عن ذاك الرجل، وتتوب إلى الله مما كانت قد اقترفته من الإثم، ثم بعد انقضاء عدتها منه تتزوجه من جديد.
والله أعلم.