السؤال
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.. أخي الشيخ الفضيل أرجو أن تفيدنا يرحمكم الله وجعل ذلك في ميزان حسناتكم، لقد كنت قبل أن أتصفح موقعكم أجهل من الأمر ما فيه الكثير لقد كنت شديد الحرص على علاقتي مع زوجتي أشد الحرص وكنت أحرص على أن لا تشوبها شائبة أو الوقوع في الشرك إن كان شركا أو إثما، وهو أنني كنت قد قلت تحرم علي زوجتي كحرمة أخواتي إن جعلتها تقبل عضوي وذلك لجهلي أن تقبيله حرام ولم أقصد الظهار بعينه وإنما من باب ردع نفسي كالحلف باليمين عن جعل زوجتي تقوم بهذا الفعل وهي تجهل تلفظي هذا ولا تعمله وإنما قلته بالسر، فأفيدوني يرحمكم الله، والله من وراء القصد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن قال لزوجته أنت حرام علي كحرمة أختي أو أمي فإنه يكون مظاهراً بذلك على الراجح، فقد سئُل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في فتاويه عمن قال لزوجته (أنت علي حرام مثل أمي وأختي): فهل يجب عليه طلاق؟ الجواب: لا طلاق بذلك، ولكن إن استمر على النكاح فعليه كفارة ظهار قبل أن يجتمعا، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. ومن أهل العلم من قال بأنه إذا كان نوى بذلك طلاقاً فإنه يكون طلاقاً؛ وإلا فهو مظاهر كما ذكر الشافعي في الأم قال: إن قال: أنت علي حرام كظهر أمي يريد الطلاق فهو طلاق، وإن لم يرد الطلاق فهو مظاهر.
وقال السرخسي في المبسوط: ولو قال لها: أنت علي حرام كأمي فقد انتفى احتمال معنى البر هنا لتصريحه بالحرمة، فبقي احتمال الطلاق والظهار فإن أراد الطلاق فهو طلاق... وإن نوى به الظهار فهو ظهار.. وإن لم يكن له نية فهو ظهار لأن عند الاحتمال لا يثبت إلا القدر المتيقن، والحرمة بالظهار دون الحرمة بالطلاق، فالحرمة بالظهار لا تزيل الملك، والحرمة بالطلاق تزيله.
ويصح تعليق الظهار كالطلاق فيقع بحصول المعلق عليه، قال الشربيني في مغني المحتاج: (ويصح تعليقه) لأنه تعليق به التحريم كالطلاق والكفارة، وكل منهما يجوز تعليقه. وتعليق الظهار (كقوله): إذا جاء زيد أو إذا طلعت الشمس فأنت علي كظهر أمي، فإذا وجد الشرط صار مظاهراً لوجود المعلق عليه.
وبناء عليه.. فلا ينبغي لك أن تدع زوجتك تفعل ما علقت عليه، وإن فعلت فتكون مظاهراً منها لأنك لم تقصد الطلاق بما ذكرت فينتفي الاحتمال ويتعين الظهار إن حصل المعلق عليه، ولا عبرة بعدم علم الزوجة بما تلفظت به، وننبهك إلى أنه يجب الاحتراز من مثل ذلك لأن الله سبحانه وصف الظهار بأنه منكر وزور، كما قال: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {المجادلة:2}، وقد سبق تفصيل الكلام عن الظهار وكفارته في الفتوى رقم: 17483، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49740.
والله أعلم.