السؤال
أنا شاب أعيش في ديار الغربة وأسكن مع امرأة لا دين لها منذ عامين وعندما تعرفت عليها أول مرة طرحت عليها قضية الدين فقالت وما أدراك ربما أدخل في الدين الإسلامي يوما ما وعلى هذا المنطق قامت العلاقة إلا أنه في نهاية المطاف أدركت أنه لا جدوى من كل هذا "وجميع الأسرة من كلا الطرفين على علم بهذه العلاقة والسؤال هل أعتبر زانيا وهل يجوز لي الزواج بمسلمة بعد هذا وشكرا أرجو أن يبقى هذا الأمر في السر. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيحرم على المسلم أن يخلو بالمرأة الاجنبية مسلمة كانت أو كافرة، ولو كانت الخلوة لعبادة كالصلاة وقراءة القرآن ونحوهما لما في ذلك من المفاسد الكبيرة، منها: حضور الشيطان ووسوسته لهما وسعيه لإيقاعهما في المعصية، وقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة محرمة لذلك. ومنها: ما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. وما روياه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن ثالثهما الشيطان.
وإذا كان هذا في مجرد خلوة قد تكون عابرة، فإن سكن المسلم مع الأجنبية عنه أولى بالتحريم، بل إن السكن يكون محرما وإن كان معها محرم إذا لم يكن السكن واسعا بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. قال زكريا الانصاري رحمه الله: علم جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم، وامتناع مساكنته إياها معه إلا عند تعدد الحجر أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. انتهى.
فإذا كان سكنها مستقلا عن سكن الأجنبي وإن لاصقه فلا حرج في ذلك، لكن بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي: فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين أو في علو وسفل أو دار وحجرة اشترط أن لا يتحدا في مرفق كمطبخ أو خلاء أو بئر أو ممر أو سطح أو مصعد، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر. انتهى.
والواجب عليك الابتعاد عنها والتوبة إلى الله مما صنعت. ولا تكون زانيا الزنى الحقيقي الذي هو من كبائر الذنوب وموجب للحد إلا إذا حصل وطء، وأما بدونه فهو زنى مجازي وهو معصية لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.
وإذا تبت إلى الله فإن الله يتوب عليك، ويغفر لك ذبنك ويقربك ويحبك، وينبغي أن تستر على نفسك، ويجوز لك أن تتزوج بمسلمة تعف نفسك وتكفها عما حرم الله عليك، بل إن الزواج قد يجب عليك إذا خشيت على نفسك الوقوع في المحرم.
والله أعلم.