الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

مقدمة: أعمل في شركة في مجال مبيعات أجهزة الالكتوميكانيكية الكبيرة وكما تعرفون فالبيع في هذا الزمان اختلط به المحرم بشكل كبير وبالذات إذا كان البيع للمشاريع الضخمة وكل مشروع يتراوح سعر أجهزة الكهربائية من مليون إلى عشرة ملايين وطبعا مثل هذه مشاريع يكون فيها مكتب استشاري يمثل المالك وبالذات في المشاريع الحكومية يكون هناك شخص أو أشخاص من الوزارة لمتابعة المشاريع ومقاول يشتري البضاعة ومعظم هذه المشاريع فيها دفع فلوس ..... - بالنسبة للاستشاري أو من يمثل المالك يكون الدفع حتى يقوم بتوصيف أجهزتنا واعتمادها - بالنسبة للمقاول حتى يستخدم أجهزتنا ويقنع المالك بها.طبعا الفلوس تدفعها شركتنا لكن الذي يصير أن الشركة تقوم برفع سعر المواد لتغطية هذه المدفوعات وزيادة هامش الربح أيضا (لكن ليس دائما يتم رفع السعر يعني أحيانا تدفع الفلوس من هامش ربح الشركة مقابل الحصول على المشروع بدون زيادة على السعر المقدم أثناء دراسة العطاءً). ماهو دوري في الموضوع : أنا مهندس مبيعات والنظام عندنا يعطي عمولة على شغل القسم ككل يتقاسمها الجميع ويكون منها ماجاء بشكل سليم ومنها ماجاء عن طريق الدفع؟ هل وضحت الصورة؟ يعني ممكن أنا أشارك أو ما أشارك في متابعة المشروع من أوله إلى آخره لكن يكون لي جزء من العمولة فما الحكم ؟طبيعة عملي لحد الآن هي في الأمور الفنية مثل إعداد العروض والمتابعات للتوريد والفواتير ... الخ والذي فهمته أن هناك أحد مهندسي القسم هو الذي يتولى الاتفاق مع الذي يريد فلوسا ويرفع بذلك تقريرا للإدارة تحت مسمى أتعاب استشارية التي تقوم بصرف المبلغ يعني لحد الآن أنا لا أتدخل في هذا الجانب المظلم؟ وأحيانا يتصل ممثل الوزارة أو مسؤول المشتريات مباشرة بنا ويقول هل تريدون هذا المشروع أنا مستعد أطلب موادكم وأجهزتكم مقابل نسبة معينة ؟ بعضهم مثلا لا يطلب فلوسا لكن مثلا يطلب زيارة للمصنع خارج المملكة على حساب شركتنا ؟ في الشركة يبررون ذلك بأنه إذا ما دفعت فلن نحصل على المشروع مثلا مشروع حكومي كان سعرنا 2 مليون ريال والمنافس لنا 2 مليون دولار وقد رسي العطاء على المنافس على الرغم من أن سعره أعلى مننا أربعة أضعاف وجودة بضاعته أقل أو مساوية لنا فما الحكم دام فضلكم؟1. طبعا أسأل عن الحكم في الراتب الذي نستلمه؟ 2. وفي العمولة التي أحصل عليها من شركتي مقابل المبيعات؟3. وفي طبيعة هذا العمل؟4. حدود الحلال والحرام مثلا لو طلب مني مثلا توصيل الشيك أو المبلغ أو طباعة الطلب أو التعامل به؟؟؟5. وماهو الأسلوب الأمثل للتعامل مع من يطلب الرشوة أو مع الإدارة إذا طلبت من متابعة هذه الأمور؟
ملاحظة:أنا هنا مشوش وأبحث عن جواب شاف فقد سألت بعض طلبة العلم لكن كانوا يطلبون مني سؤال من هو أعلم منهم ومن له دراية بما يجري في الواقع فقد قال لي أحدهم شغلك كله حرام ولعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما .... وعندما ناقشته وقلت له أنا ما رشيت ولا ارتشيت لم أكن رائشاً ولكن جاءتني فلوس سواء راتب أو عمولة نتيجة هذا العمل فغير رأيه وقال إن المال الذي تحصل عليه حلال ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالرشوة من كبائر الذنوب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : لعن الراشي والمرتشي . رواه الترمذي وقال حسن صحيح ، وفي رواية : والرائش . وهو الساعي بينهما ، فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي، ولكن محل ذلك هو الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى إحقاق باطل أو إبطال حق أو أخذ ما ليس له. أما الرشوة التي يتوصل بها إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر فإنها جائزة والإثم على المرتشي دون الراشي. وإذا تقرر هذا فالأصل في المشاريع التي تعرض في صورة مناقصة أو نحو ذلك أن تكون من نصيب الأفضل جودة وسعرا، فإذا كانت شركتكم أفضل جودة وسعرا ممن يتنافسون معها ولم يمكنكم الوصول إلى حقكم في الحصول على العطاء في هذه المناقصة إلا ببذل مال للموظفين المسؤولين جاز لكم ذلك والإثم عليهم لا عليكم، لكن يشترط لذلك أن لا تزيدوا على التكاليف المتعارف عليها لمثل هذا المشروع لما في ذلك من الإضرار بصاحب المشروع الأصلي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار . رواه ابن ماجه ، وراجع الفتوى رقم : 51401 ، أما إذا كان هناك من ينافسكم وهو أولى بالعمل منكم أو مساو لكم فلا يجوز لكم أخذ هذه المقاولة بهذه الصورة لأنه يعد اعتداء على حق الغير، وراجع الفتوى رقم : 6257 .

أما حكم الراتب الذي تحصلون عليه فينبني على العمل الذي تقومون به.. فإذا كان عملا مباحا لا يتضمن الإعانة على محرم من رشوة ونحوها فلا بأس به، وإلا فقد دخل فيه من الحرام بقدر ممارستكم للحرام أو إعانتكم عليه، ومثل ذلك يقال في العمولة؛ إلا أن العمولة تزيد عن ذلك بضرورة أن تكون معلومة لصاحب الشركة وموافقا عليها حتى لا تكون رشوة لكم .

وأما طبيعة عمل الشركة فينبني على التفصيل المتقدم وعلى قدر التزام الشركة بالمواصفات المشترطة فإن التزمت بها فعملها حلال، وإن أخلت بشيء من ذلك دخل عملها من الحرام بحسب ذلك.

وأما التعامل مع من يطلب رشوة فإذا أمكن الوصول إلى الحق دون بذلها فيحرم بذلها له؛ وإلا فلا بأس ببذلها له والإثم عليه لا على المعطي ، وإذا طلب منك توصيل الشيك أو المبلغ أو طباعة الطلب أو التعامل به مع من يطلب رشوة فالحكم في ذلك تابع لحكم الرشوة، فإذا جاز بذلها فلا حرج عليك وإلا حرم؛ لعموم قوله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب {المائدة: 2} .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني