السؤال
أريد معرفة كيفية التصرف مع بعض الأشخاص الذين نجتمع معهم أحيانا لكنا لا نحبهم (إن الأرواح جنود مجندة ) أو لا نتفق معهم . هل عندما نتجنب الجلوس معهم أو التحدث إليهم .هل علينا إثم في ذلك أو أحيانا نجبر على السلام عليهم والسؤال عن أحوالهم . هل هذا يكون من باب الرياء؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك في عدم الجلوس مع من لا ترغب في الجلوس معه ، وإن لقيته فسلمت عليه وسألت عن حاله أو بششت في وجهه وأنت تكرهه فليس ذلك من النفاق، بل هو من الخلق الحسن والمداراة الجميلة، وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه فقال: باب المداراة مع الناس، ويذكر عن أبي الدرداء إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم، ومعنى نكشر نبتسم، وأورده مسندا إلى أبي الدرداء الإمام البيهقي في شعب الإيمان ولفظه: إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتلعنهم . وأورد الإمام البخاري تحت التبويب السابق: عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال :ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له في القول ؟ فقال إي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه. والحديث رواه مسلم أيضا . قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وأشار المصنف بالترجمة -أي التبويب- إلى ما ورد فيه -أي الأحاديث- على غير شرطه واقتصر على إيراد ما يؤدي معناه، فمما ورد فيه صريحا حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مداراة الناس صدقة أخرجه ابن عدي والطبراني في الأوسط وفي سنده يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به، وأخرجه ابن أبي عاصم في آداب الحكماء بسند أحسن منه. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس أخرجه البزار بسند ضعيف، قال ابن بطال المداراة من أخلاق المؤمنين وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة وترك الإغلاظ لهم في القول وذلك من أقوى أسباب الألفة، وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغلط لأن المداراة مندوب إليها والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه، والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه، حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه . انتهى كلام الحافظ . وقال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء: ولكن هذا ورد في الإقبال وفي الكشر والتبسم، فأما الثناء -أي على الفاسق- فهو كذب صراح، ولا يجوز إلا لضرورة أو إكراه يباح الكذب بمثله كما ذكرناه في آفة الكذب، بل لا يجوز الثناء ولا التصديق ولا تحريك الرأس في معرض التقرير على كلام باطل، فإن فعل ذلك فهو منافق بل ينبغي أن ينكر فإن لم يقدر فيسكت بلسانه وينكر بقلبه .
والله أعلم.