السؤال
أنا طالب في كلية الطب, وقد اطلعت في الموقع على حكم الدراسة العملية للتوليد وأمراض النساء, لكني وجدت أن الجواب عن هذه المسألة قام على أساس هل أريد أن أختص في هذا المجال أم لا.. ولم يتناول حكم تعلم الأساسيات في هذا العلم والتي "عادة" مايكون مطلوباً من الطبيب العام غير المختص فهمها ومعرفة كيفية التعامل معها. فقد أتعرض في يوم من الأيام لموقف أكون فيه الوحيد القادر على توليد امرأة جاءها المخاض مثلاً.
فأرجو بيان حكم تعلم هذه الأمور نظرياً و عملياً.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا من قبل أن مخالطة الرجال للنساء لا تجوز، إلا إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة تنزل منزلة الضرورة.
ولا يباح بحال للطبيب ـ وأحرى من ليس بطبيب- أن يرى عورات النساء، إلا إذا كانت ثم ضرورة للمرأة لا يمكن دفعها إلا بذلك.
قال صاحب مجمع الأنهر: ويحرم النظر إلى العورة إلا عند الضرورة كالطبيب.
وجاء في الفتاوى الهندية: امرأة أصابتها قرحة في موضع لا يحل للرجل أن ينظر إليه, لا يحل أن ينظر إليها, لكن يُعلِّم امرأة تداويها, فإن لم يجدوا امرأة تداويها ولا امرأة تتعلم ذلك إذا علمت, وخيف عليها البلاء أو الوجع أو الهلاك فإنه يستر منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة, ثم يداويها الرجل, ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع. اهـ. فبان من هذه الفتوى شدة التحريج في المسألة.
ولكنَّ الشريعة الإسلامية مبناها على جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد أو تقليلها، وترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين باحتمال أدناهما وأقلهما ضررا.
ومن المعلوم أن التداوي من المرض أيا كان نوعه وأيا كان صاحبه، والبحث عن أسباب الشفاء مأمور به في الشرع.
كما أن وظيفة الطب قد عدها أهل العلم من الوظائف التي لا يستغنى عنها في الجملة لما يتوقف عليها من المصالح الدنيوية، فهي بذلك من فروض الكفاية.
وإذا كان التخصص في الطب العام يُلزم فيه الطالب بتعلم الأساسيات في علم التوليد، كان تعلم هذه الأساسيات مما لا يتم الواجب إلا به، وما كان كذلك كان واجبا.
وعلى من يتخصص في الطب أن يتقي الله، وأن يكون قصده من تعلم أمور النساء القيام بهذا الفرض الكفائي، وأن يتجنب ما لم تدع إليه الضرورة الملجئة والحاجة الشديدة من الاختلاط بالنساء والنظر إلى عوراتهن.
والله أعلم.