السؤال
تواجهني مشكلات في فهم بعض الآيات وبعض الأحاديث ولكن سأذكر أهمها آملاً أن أجد عندكم ما ينهي حيرتي، يقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، الشمس أكبر بكثير من الأرض وذو القرنين وجدها تغرب في عين حمئة وطبيعة هذا الإيجاد خداع بصري ليس إلا! فهل كلمة (وجد) مناسبة لوصف هذا الحدث على حقيقته، وخصوصاً أنها استعملت مرة أخرى في نفس الآية لوصف إيجاد حقيقي للقوم الذين عند الشمس، فهل لو استعملت كلمة أبصر أو رأى ستكون أبلغ في الوصف من كلمة (وجد)، المذكورة في الآية الكريمة (حاشا لله أن يكون في كلامه نقص أو عيب)، أم أن هذا الأمر يدعونا لإعادة النظر في حقيقة الشمس والنظريات التي تتكلم عن حجمها وموقعها بالنسبة للأرض، أم أن المشكلة كلها تكمن في فهمي لدلالات الكلمات المستعملة في الآية؟ جزاكم الله خيراً وهدانا وإياكم إلى الحق.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم - وفقنا الله وإياك للاستماع واتباع أحسن القول - أن القرآن معجز في فصاحته وبلاغته ونظمه وأسلوبه، وقد تحدى الله الذين أنزل في عصرهم، وهم فصحاء الناس وبلغاؤهم أن يأتوا بكتاب مثله، فإن عجزوا فليأتوا بعشر سور مثله، فإن عجزوا فليأتوا بسورة مثله، فعجزوا عن ذلك كله وأفحموا، وقامت عليهم الحجة وعلى من بعدهم إلى يوم القيامة، لأن التحدي للجميع والعجز حاصل للجميع إلى يوم القيامة.
وإذا علمت هذا فاعلم أن وجد تأتي لمعان كثيرة يمكنك أن تطالعها في لسان العرب لابن منظور، أو في أي معجم آخر من المعاجم اللغوية، وقد وردت في الآية الكريمة بمعنى الرؤية، وهي أنسب عبارة، ولا يمكن أن تحل محلها عبارة تؤدي دورها، فأحرى أن تكون أنسب منها، وقد فسر المفسرون الآية الكريمة بما لا يبقى مجالاً للشك أو الحيرة، قال ابن كثير: وجدها تغرب في عين حمئة أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه....
وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان: ..... وكون من على شاطئ المحيط الغربي يرى الشمس في نظر عينه تسقط في البحر أمر معروف... ولعلك إذا عدت إلى كتب التفسير وجدت مزيداً من الفائدة.
والله أعلم.