السؤال
توفي أخي من حوالي شهر بحادث سير أثناء سفره إلى الجامعة فقد أنهى دراسة الطب وكان يكمل دراسته العليا ويستعد للسفر للخارج للعمل والدراسة ومنذ الحادث لا أستطيع متابعة عملي وحياتي ولا أستطيع التخفيف عن أمي فقد كان ناجحا في حياته بالنسبة لأمي وكانت عائلتنا تأمل منه تحسين أحوالها هل يمكن احتسابه عندالله شهيدا هل ما أصابه خير له ماالذي يمكنني عمله للعودة لحياتي وعملي وهل يسمعنا ويشعر بنا عند زيارة قبره ؟ أفيدونا أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم : 15027 ، حكم الميت في حادث السير ونحوه ، هل يعتبر شهيداً أم لا ؟ وذكرنا أن بعض العلماء ألحقه بصاحب الهدم واعتبره شهيداً ، ولكن لا ينبغي الجزم بذلك لما بيناه في الفتوى رقم : 42767 ، وأما هل موته ذلك خير له أم لا ؟ فعلم ذلك عند الله تعالى ولا يترتب عليه حكم دنيوي، وقد قال صلى الله عليه وسلم : إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها، فيسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعه صعق . رواه البخاري. وهذا الأمر جار على كل ميت فإن كان صالحاً شهيداً فموته خير له لما سيجده من النعيم ، وإن كان غير ذلك فحياته خير له لما ينتظره من العقاب الأليم ، وعليك أن تصبر وتحتسب الأجر عند الله فله ما أخذ وله ما بقي، وكل نفس ذائقة الموت ، والمصائب بعد موت الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هينة فعن عائشة رضي الله عنها قالت : فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم باباً بينه وبين الناس أو كشف ستراً فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم ، ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال: يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبتي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي . قال الشيخ الألباني : صحيح
فإذا ما استشعرت أيها الأخ الكريم تلك المعاني ووقرت في قلبك وعقلك فسيخف عليك هول الصدمة وتعلم أن الحياة دار ممر لا دار مقر ، وينبغي لكل عاقل أن يكون فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر : كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل . وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك . رواه البخاري
واجترار الحزن والأسف لا يرد غائباً ولا يعيد فائتاً، فعد إلى حياتك وعملك واجتهد في طاعة ربك، واحتسب عنده أجر مصيبتك، فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجراً عظيماً كما في قوله تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155 ـ 157 }
وأما حكم زيارة قبره وهل يشعر بذلك فانظره في الفتوى رقم : 7410 .
والله أعلم .