السؤال
الحكمة في كونه صلى الله عليه وسلم كان يؤم ولا يؤذن أنه لو أذن لكان من تخلف عن الإجابة كافرا، وقال أيضا: ولأنه كان داعيا فلم يجز أن يشهد لنفسه. وقال غيره: لو أذن وقال: أشهد أن محمدًا رسول اللّه لتوهم أن هناك نبيا غيره . وقيل لأن الأذان رآه غيره في المنام فوكله إلى غيره. وأيضا ما كان يتفرغ إليه من أشغال. وأيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الإمام م ضامن والمؤذن أمين " رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، فدفع الأمانة إلى غيره .
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إنما لم يؤذن لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، أي جعله دائما، وكان لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بتبليغ الرسالة، وهذا كما قال عمر: لولا الخلافة لأذنت .
وأما من قال: إنه امتنع لئلا يعتقد أن الرسول غيره فخطأ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته : وأشهد أن محمدا رسول اللَّه.
هذا، وجاء في نيل الأوطار للشوكاني "ج 2 ص 36" خلاف العلماء بين أفضلية الأذان والإمامة وقال فى معرض الاستدلال على أن الإمامة أفضل: إن النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده أمُّوا ولم يؤذنوا، وكذا كبار العلماء بعدهم.
والله أعلم ..
ما أثار فضولي في هذا الخصوص موضوع الصلاة الإبراهيمية وفيها اللهم صل على سيدنا محمد ....
كما أثار فضولي معرفة الشهادتين التي هما من أركان الإسلام كيف هي الصلاة الإبراهيمة بالنسبة له وكذلك الشهادتين؟؟
وجزاكم الله عنا خيراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة للتشهد في الصلاة فلم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول فيه غير الصيغة المعروفة التي علمها للناس، وكذلك الصلاة عليه في التشهد فلم نطلع على أنه كان يقول فيها: اللهم صل علي -مثلا- ففي شرح الموطأ من رواية محمد بن الحسن للعلامة عبد الحي اللكنوي، تحقيق د. تقي الدين الندوي ما نصه: قال الرافعي: المنقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في تشهده: أشهد أني رسول الله، ولا أصل لذلك بل ألفاظ التشهد متواترة عنه صلى الله عليه وسلم، كان يقول: أشهد أن محمدا رسول الله أو عبده ورسوله كذا في " التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير" لابن حجر رحمه الله.
أما تشهده صلى الله عليه وسلم في الأذان ففي جواب لشهاب الدين أحمد بن أحمد الرملي عن سؤال ورد عليه ما يفيد أنه صلى الله عليه وسلم لو أذن لكان له أن يؤذن مثل غيره، وله أن يقول: أشهد أني رسول الله، وأنه لا مانع من الحالتين والسؤال المذكور هو: لِأَيِّ شَيْءٍ أَمَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُؤَذِّنْ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ؟ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّائِرِينَ إلَى أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ اعْتَذَرُوا عَنْ تَرْكِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَذَانِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّ الْأَذَانَ يَحْتَاجُ إلَى فَرَاغٍ لِمُرَاعَاةِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ , وَكَانَ صلى الله عليه وسلم مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ خُصُوصًا, وَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُحِبُّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ, وَمِنْهَا: إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ لَزِمَ تَحَتُّمُ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّهُ آمِرٌ وَدَاعٍ , وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاجِبَةٌ فَتَرَكَهُ شَفَقَةً عَلَى أُمَّتِهِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَحَتُّمَ الْحُضُورِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالدُّعَاءَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَيْسَا لِلْإِيجَابِ بَلْ لِلِاسْتِحْبَابِ , وَمِنْهَا: لَوْ أَذَّنَ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, وَلَيْسَ بِجَزْلٍ, أَوْ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الْأَذَانِ، وَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ لَاخْتَلَّتْ الْجَزَالَةُ سَاقِطٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: إنَّمَا تُنْذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ،أَيْ خَشِيَنِي، مِنْ بَابِ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ, وَنَظَائِرُ ذَلِكَ لَا تُحْصَى. ثُمَّ مَا قَوْلُهُمْ فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ فِي التَّشَهُّدِ: أَكَانَ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَمَا الِاخْتِلَالُ؟! وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلِمَ اُحْتُمِلَ تَغْيِيرُ النَّظْمِ مِنْهُ هُنَاكَ , وَلَا يُحْتَمَلُ هَا هُنَا؟! وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ هُنَاكَ كُلٌّ مِنْهُمَا ويدل لهذا ما في مسند الإمام أحمد: عن عبد الله بن ربيعة السلمي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أني محمد رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تجدونه راعي غنم أو عازبا عن أهله، فلما هبط الوادي قال: مر على سخلة منبوذة، فقال: أترون هذه هينة على أهلها، للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها. انتهى
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبه: وأشهد أن محمدا رسول الله، وثبت أيضا أنه قال في عدة مناسبات أشهد أني رسول الله، وذلك مروي في صحيحي البخاري ومسلم.
والله أعلم.