السؤال
أفكر في الانتحار.....أنا شاب 27 مصري أفكر في الانتحار بعد ما أغلقت كل الأبواب في وجهي حيث إني حاصل على دبلوم تجارة لسنة 1995 ولن أحصل على أي عمل أضع فيه كل قدراتي، والدي متوفى فكرت في الانتحار بعد ما وجدت كل التجاهل من والدتي وأختي وأغلب عائلتي لي وذلك لعصبيتي، ولكني أحترم الجميع، ماذا أفعل أرجوكم ولو بالكلام أنقذوني، أنا لا أستطيع العيش في هذه الحياة التي لا يعيش فيها إلا المنافقون وأنا لا أعرف أن أكون كذلك، وحاولت مراراً أن أكون منافقاً، ولكن لا أعرف دعوت كثيراً ( اللهم اقبض روحي لأرتاح من هذه الدنيا) لا تنسوني بالدعاء بفك كربي أو يرحمني ويغفر لي إذاً؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلست وحدك الذي تعاني في هذه الحياة، فالدنيا دار ابتلاء، وإن عدم حصولك على عملٍ هو من أخف البلايا، فلو قلبت ناظريك في المرضى والمعاقين لحمدت الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه مسلم، وقال أيضاً: ارض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس. رواه الترمذي، وانظر الفتوى رقم: 51946.
واعلم أن الإيمان بالقدر من أصول الإيمان، ولا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بالقدر، فعليك أن ترضى بقدر الله تعالى حتى تنال رضاه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وابن ماجه.
واسع -متوكلاً على الله- في البحث عن عمل، ولو خارج حدود مدينتك، في المدن الصناعية الجديدة مثلاً، فقد قال الله تعالى: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}، وأما قولك إنه لا يستطيع العيش في هذه الحياة إلا المنافقون، فذلك ليس بصحيح فما زال في الناس من يتقي الله ويراقبه، وهم وإن كانوا قلة إلا أنهم موجودون، وهم الغرباء الذين وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير العميم، وانظر صفتهم في الفتوى رقم: 58011.
هذا واعلم أنه لا ينبغي لك أن تتمنى الموت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي. رواه البخاري. واحذر من التفكير في الانتحار، فإن قتل النفس من أكبر الكبائر، وإثمة عظيم، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5671، 10397، 8012.
والذي ننصحك به أن تحاول التغيير من نفسك، حتى يغير الله ما بك، فقد قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد:11}، فاجتهد في التقرب إلى مولاك جل وتعالى وذلك بترك ما حرمه عليك وبفعل المستطاع مما أمرك به، وذلك حتى تنال محبته، فقد قال تعالى في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.... رواه البخاري، وانظر الفتوى رقم: 2944.
واجتهد في تحسين أخلاقك وكظم غيظك وبر أمك، فإن الجنة تحت أقدامها، ودعوة الوالد لولده مجابة، وانظر الفتوى رقم: 8173، والفتوى رقم: 42432.
وابذل الوسع في اتخاذ رفقة صالحة من الشباب المؤمن المتوضئ وتعاون معهم على فعل الخير وطلب العلم النافع وحفظ القرآن، فإن صحبة الصالحين من وسائل الصلاح، وهي من أعظم الوسائل المعينة على الاستقامة على أمر الله تعالى، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
وأكثر من استماع الأشرطة الإسلامية، فإن فيها خيراً كثيراً، وخاصة الأشرطة التالية أسماؤها (توبة صادقة) للشيخ سعد البريك، و(على الطريق) للشيخ علي القرني، و(اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، و(جلسة على الرصيف) للشيخ سلمان العودة.
والله أعلم.