السؤال
أولا جزاكم الله خيرا عنا فيما تفيدونا به من فتاوى.
سؤالي يتلخص في الآتي:
صديقتان كل منهما متزوجة.زوج الكبرى رجل ملتزم ويتقي الله في تصرفاته أما زوج الصغرى فلا يعاملها بما يرضي الله هي وأولادها ويضربهم ولا يقوم بالصرف عليهم والحياة من الصعب جدا استمرارها بينهم.وقد صرحت هذه الزوجة إلى صديقتها بأنها ترغب في الطلاق ولكنها تخشى ألا تتمكن من تدبير معيشتها وأولادها .لذلك فهي مضطرة لأن تصبر على هذه الحياة غير الكريمة.
ولكن بمرور الوقت ازداد الحال سوءا.وفى الوقت نفسه كانت الصديقة الكبرى تحكي لزوجها ما يحدث وقد تدخل أكثر من مرة للتوفيق بينهما ولكن بعد عدة أيام يعود الحال كما كان.وفى المرة الأخيرة صرح زوج الكبرى لزوجته في أنه يرغب في رفع معاناة صديقتها وذلك بأن يتزوجها إذا طلقت ولكن بعد موافقتها (زوجته).ومن شدة حب الكبرى للصغرى ورغبتها الشديدة في رفع معاناة صديقتها
رحبت جدا بهذه الفكرة حيث إنها لا تمانع في أن يتزوج الرجل من أكثر من واحدة لأنه حق شرعي له.
والسؤال هنا:
هل في قيام الكبرى بإخبار الصغرى بأن زوجها سوف يتزوجها إذا ما طلقت حرام أم حلال.وأذكركم بأنها ترغب في الطلاق بشدة ولكن تخشى مواجهة أعباء الحياة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل أن التدخل بين الزوجين بما يفسد العلاقة بينهما حرام، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أبو داود، وتخبيب المرأة على زوجها إفسادها عليه بذكر مساوئه عندها أو ذكر محاسن أجنبي عندها، وقد جاء في الحديث الصحيح أن إفساد المرأة على زوجها والتفريق بينهما من أجل ما يتقرب به إلى الشيطان. ففي صحيح مسلم أن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت. فهذان الحديثان وما جاء في معناهما يدلان على خطورة التدخل بين الزوجين والسعي في التفريق بينهما، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ثبت في الأحاديث الصحيحة وأقوال أهل العلم ما يفيد أن التفريق بين الزوجين والسعي فيه لمبرر شرعي يقتضيه من نحو إضرار المرأة أو أذيتها سائغ شرعا، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر ثابت بن قيس بتطليق زوجته عندما رفعت أمرها إليه والقصة مشهورة جدا، وفي مسند الحاكم وسنن أبي داود وابن ماجه عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. فمفهوم الحديث أن سؤال المرأة الطلاق لزوجها في حالة لحوق الأذى واليأس في البقاء معه لا حرج فيه، كما أن كتب أهل الفقه مشحونة بهذا المعنى وهو جواز التفريق بين المرأة والرجل عندما يكون في بقائها معه ضرر بها، وفي الحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه الإمام أحمد وابن ماجه. وعلى هذا، فإنا نقول: إذا كانت المرأة المذكورة صادقة فيما تدعيه على زوجها من الإهانة والأذى فلها أن ترفع أمرها إلى من يزيل عنها ذلك الضرر ويرفعه ولا يلزمها الرضا به.
كما أنه لا حرج على صديقتها أن تبين لها الحكم الشرعي، وهو جواز طلب الطلاق، بل قد يتعين ذلك إذا كانت المرأة متضررة حقا وكان في خلاصها من زوجها زوال لذلك الضرر الواقع عليها من زوجها الظالم، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. رواه البخاري وغيره. وقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره.. إلى آخره وهوفي صحيح مسلم.
أما التصريح لها بأن هناك زوجا ينتظرها فلا شك أن أدنى مراتبه التعريض لها بالنكاح وهو حرام للمعتدة من طلاق رجعي. قال صاحب الفواكه الدواني في معرض كلامه على جواز التعريض للمعتدة قال: ومحله أيضا – يعني جواز التعريض للمعتدة- في المعتدة من طلاق غيره البائن لا الرجعي فيحرم التعريض لها إجماعا.
ولهذا، فإنا نرى أنه لا يجوز.
والله أعلم.