السؤال
كنا نصلي العصر وكان الإمام يرتدي قميصا وبنطلونا وكان قميصه قصيراً ولم يكن يرتدي أسفله شيئا فأثناء سجوده ينكشف جزء من ظهره وبعد انتهاء الصلاة حدثت مشكلة حيث طالب البعض بإعادة الصلاة لأنها باطلة على هذا النحو بينما رفض البعض ذلك فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الجزء الذي انكشف من الظهر غير مواز ولا مقابل لما تحت السرة، فإنه ليس بعورة، وبالتالي فلا يبطل الصلاة انكشافه، وكذلك إذا كان مقابلا لما تحت السرة، فإنه لا يبطل الصلاة عند المالكية والحنفية، لأنه يعتبر من العورة المخففة.
ففي التاج والإكليل للمواق: الباجي: عورة الرجل ما بين سرته وركبتيه؛ السوأتان مثقلها، وإلى سرته وركبتيه مخففها، وصحح عياض... إلى أن قال: وقال أبو حنيفة: المغلظة القبل والدبر، والمخففة سائر ذلك. الباجي: وليس ببعيد عندي هذا، ويؤيده قول مالك: من صلى وفخذه مكشوفة فلا إعادة عليه. انتهى
وعلى مذهب من يرى عدم التفريق بين العورة المغلظة وغيرها، فإذا كان الجزء الذي انكشف يسيراً، وهذا هو الغالب في مثل الحالة، فإنه لا تبطل الصلاة بانكشافه.
قال ابن قدامة في المغني: فإن انكشف من العورة يسير لم تبطل صلاته نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: تبطل لأنه حكم معلق بالعورة فاستوى قليله وكثيره كالنظر، ولنا ما روى أبو داود بإسناده عن أبي أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي قال: انطلق أبي وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة، وقال: يؤمكم أقرؤكم، فكنت أقرأهم فقدموني فكنت أؤمهم وعلي بردة لي صفراء صغيرة، وكنت إذا سجدت انكشفت عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم! فاشتروا لي قميصاً عمانيا فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به.
وروى أبو داود والنسائي عن عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال: فكنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق، فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي. وهذا ينتشر ولم ينكر ولا بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره ولا أحد من أصحابه.
وقد عرف ابن قدامة اليسير هنا بقوله: واليسير ما لا يفحش والمرجع في ذلك إلى العادة؛ إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة. انتهى
إلى أن قال أيضاً: وقال التميمي في كتابه: إن بدت عورته وقتا واستترت وقتا فلا إعادة عليه؛ لحديث عمرو بن سلمة. انتهى
والغالب أن الذي ينكشف في مثل هذه الحالة أن يكون غير فاحش عادة.
أما المأمومون فصلاتهم صحيحة ولو مع النظر إلى ما انكشف من العورة؛ بدليل عدم إعادة الجماعة التي اقتدت بالصحابي الذي تقدمت قصته إضافة إلى ما ذكره الدسوقي المالكي في حاشيته حيث قال: والمعتمد ما قاله التونسي من عدم البطلان مطلقاً نظر لعورة نفسه أو إمامه أو لعورة غيرهما، سواء تعمد النظر أو لا، كان عالماً بأنه في صلاة أم لا. انتهى
والله أعلم.