الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القرض بين شركتين احداهما تابعة للاخرى

السؤال

أعمل مديرا لشركة تابعة لإحدى الشركات القابضة، والمعايير المحاسبية في الدولة تستلزم أن تكون التعاملات البينية بين الشركة الأم والشركة التابعة على هيئة قرض.سؤالي: هل يجوز إبرام اتفاقية قرض بين الشركة الأم والشركة التابعة سواء كان القرض قرضا حسنا أو قرضا بفائدة. علما بأن الشركتين مضطرتان لذلك لتسهيل عملية تحويل الأموال بين الشركتين دون الحاجة لانتظار توزيع الأرباح، وكذلك التزاما بالمعايير المحاسبية للدولة، وليس الغرض هو الفائدة في حد ذاتها؟وفي حال عدم الجواز هل يقع عليَّ إثم في إعداد اتفاقية القرض، علما بأن رئيس مجلس الإدارة هو من سيوقع الاتفاقية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز إبرام اتفاقية قرض بين الشركة الأم والشركة التابعة لها إذا كان القرض حسناً ليس فيه اشتراط زيادة؛ لأنّ القرض من العقود المباحة.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وأجمع المسلمون على جواز القرض. انتهى.

أما إذا كان القرض يرد بزيادة مشروطة؛ فهو ربا محرم، كما هو معلوم.

لكن إذا كانت الشركة التابعة للشركة الأم ذمتها المالية غير مستقلة عن الذمة المالية للشركة الأم، بأن كانت الشركتان مملوكتين لمالك واحد لا يشاركه في ملكهما غيره؛ ففي هذه الحال يجوز إبرام اتفاقية قرض بين الشركتين ولو شرط فيه الزيادة؛ فالتعاملات المالية بين الشركتين لا تُعد مثل العقود المبرمة بين طرفين أجنبيين، بل هي أموال تديرها الشركة الأم بينها وبين فرعها أو فروعها؛ فكأنها أضافت مالها إلى مالها، فلا ربا في ذلك.

وأما إذا كانت الشركة التابعة مستقلة في ذمتها المالية عن الشركة الأم، بأن كانت الشركة الأم لا تملك الشركة التابعة بكاملها، ولكن تملكها ملكا جزئيا؛ ففي هذه الحال لا يجوز إبرام اتفاق قرض مشروط بالزيادة بين الشركتين؛ لأنه ربا محرم.

جاء في فتاوى وتوصيات الهيئات الشرعية لوحدات مجموعة البركة المصرفية:

الفتوى التاسعة:

(1) إذا اقترضت شركة من شركة أخرى بفائدة لغرض الاستفادة من الإعفاءات الضريبية أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة بعيدا عن أخذ ‌الربا وإعطائه حقيقة، فإن هذا الاقتراض لا يعد ربا إذا كانت الشركتان مملوكتين لمالك واحد؛ لأن هذه المعاملة صورية؛ لاتحاد الذمة المالية للشركتين، وهي من تعامل الشخص مع نفسه.

(2) إذا كانت إحدى الشركتين مملوكة جزئيا لمالك معين، واقترضت بفائدة من الشركة الأخرى المملوكة له كليا أو جزئيا، فإن ‌الربا يتحقق؛ لاختلاف الذمة المالية بين المقرض والمقترض. اهـ.

وجاء في فتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار قرار رقم (57):

السؤال: نرجو إبداء الرأي الشرعي حول ما يلي:

نتشرف بإفادتكم أننا بصدد القيام بإحدى العمليات مع شركة جينرال موتورز وذلك في حدود مبلغ (100) مليون دولار أمريكي، وحيث إن العملية ستتم داخل الولايات المتحدة الأمريكية ولأسباب ضرائبية سيتم تنفيذ هذه العملية بواسطة بعض الشركات التابعة، وطبقا للخطوات التالية:

- يتم إقراض مبلغ ال 100 مليون دولار إلى شركة تابعة (مملوكة بالكامل لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار) وبفائدة محددة.

- تقوم الشركة التابعة بشراء السيارات من شركة جينرال موتورز، ويتم نقل ملكية السيارات إليها.

- تقوم الشركة المشترية المالكة للسيارات بتأجيرها مع بيعها إلى شركة متخصصة نظير مبالغ محددة ولفترات زمنية معلومة، على أن تقوم بدفع ثمن الشراء بعد انتهاء فترة الإيجار.

- تقوم الشركة المالكة للسيارات بدفع قيمة السيارات المبيعة ومبلغ الإيجار إلى الشركة الأم (شركة الراجحي المصرفية للاستثمار).

الرجاء إبداء وجهة نظر فضيلتكم من الناحية الشرعية فيما سبق.

الجواب:

إذا كانت هذه الطريقة لا تعتبر غشا نحو القانون في البلد الذي تتم فيه العملية، وإنما تعتبر مخرجا قانونيا واستفادة من ثغرة من ثغرات القانون، وأن الشركتين اللتين ستقرضهما شركة الراجحي مملوكتان حقيقة بكاملهما لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار؛ فلا يظهر للهيئة مانع من الأخذ بهذه الطريقة؛ لما نص عليه الفقهاء من أن ‌الربا لا يجرى ‌بين ‌العبد ‌وسيده، وكذلك الشركة بالنسبة لما تملكه من الشركات. انتهى.

وحيث كان القرض ربويا محرما فلا تجوز الإعانة عليه؛ ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.

قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني