السؤال
لدينا أرض مزوعة بالعنب، فكيف نخرج الزكاة منها؟ وهل من المال، أو الثمار؟ وهل لا بد من إخراجها من الثمار؟ أم يمكن أن تكون من المال؟ أعني أننا نبيع الأرض جزافا -فالتاجر يقدر ما بها من الأطنان، ونتفق على سعر للكيلو- ويكون لنا وزن معين من الثمار، فأولا: نحن لا نعلم إجمالي الإنتاج، لأن التاجر غالبا يكون تقديره أقل من الواقع، ولا يقول ذلك لو سألته... لأنه كل ما كان هناك فارق بين تقديره وبين الواقع يزيد ربحه، وغالبا يقول إنه قد خسر دون أن نسأله، ويريد أن ينقص من المال المتفق عليه.... والعرف أن كل فدان يخرج منه مثلا: 150 كيلو من العنب لصاحب الأرض طُعمة، فهذا ما نأخذه كعنب.. وغالبا هذا الكم لا يساوي 2.5% للفدان، فغالبا سأحتاج إلى أن أشتري، فهل ساعتها يمكن أن أشتري، وأخرجه؟ أم يجب أن يكون من الأرض نفسها حتى لو كنت سأشتريه من التاجر؟ وهل لا بد أن تخرج زبيبا؟ أم يمكن أن يكون عنبا؟ وهل تختلف النسبة لو كان عنبا بدلا عن الزبيب؟ ومنذ سنين ونحن نخرج الزكاة على أنها: 2.5% من المال الأصلي الذي قبضناه من التاجر، والعنب نعطي منه الأقارب... وبعض المحتاجين، ونأكل منه.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن تخرج الزكاة من جنس المال المزكى، ولكن العلماء اختلفوا في إخراج القيمة بدل العين الواجبة، فذهب الجمهور إلى وجوب إخراجها من جنس المال، وعدم إجزاء القيمة، وذهبت جماعة من أهل العلم إلى جواز إخراج القيمة إذا كانت أحظ، وأنفع للفقراء، وهذا هو القول الراجح -إن شاء الله تعالى-
وعليه؛ فإنه يجوز إخراج الزكاة بالنقود بدل إخراجها من المحصول الزراعي إذا كان ذلك أنفع للفقراء، ولتفاصيل ذلك، وأدلته يرجى الاطلاع على الفتوى: 6513.
وأما عن بيعها بعد وجوب الزكاة، وخرصها، فهو جائز، ويمكن إعطاء الفقراء حقهم من عنب يشترى لهم، أو من الثمن على قول الحنفية ومن وافقهم: فقد قال البخاري في صحيحه: باب من باع ثماره، أو نخله، أو أرضه، أو زرعه، وقد وجب فيه العشر، أو الصدقة، فأدى الزكاة من غيره، أو باع ثماره، ولم تجب فيه الصدقة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها- فلم يحظر البيع بعد الصلاح على أحد، ولم يخص من وجب عليه الزكاة ممن لم تجب.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ظاهر سياق هذه الترجمة أن المصنف يرى جواز بيع الثمرة بعد بدو الصلاح، ولو وجبت فيها الزكاة بالخرص مثلا، لعموم قوله: حتى يبدو صلاحها- وهو أحد قولي العلماء... اهـ.
وتجب زكاة العنب إذا بلغ المحصول منه بعد جفافه نصابا -وهو خمسة أوسق- ويجب إخراج نصف العشر إذا كان السقي بآلة ونحوها، ويجب العشر كاملا إذا كان بماء المطر ونحوه، ووقت وجوب الزكاة في العنب الأسود إذا ظهر سواده، وفي العنب الأبيض إذا صار فيه الماء الحلو، أو ظهرت فيه صفرة، قال الشيرازي في المهذب: ولا يجب العشر حتى يبدو الصلاح في الثمار، وبدو الصلاح أن يحمر البسر، أو يصفر، ويتموه العنب، لأنه قبل بدو الصلاح لا يقصد أكله، فهو كالرطبة، وبعده يقتات، ويأكل، فهو كالحبوب. انتهى.
وقال النووي في المجموع: وحقيقة بدو الصلاح هنا كما هو مقدر في كتاب البيع، ومختصره ما قاله الشافعي، والأصحاب أن يحمر البسر، ويتموه العنب، قال الشافعي رضي الله عنه: فإن كان عنبا أسود فحتى يسود، أو أبيض، فحتى يتموه، قيل: أراد بالتموه أن يدور فيه الماء الحلو، وقيل: أن تبدو فيه الصفرة. انتهى
وأما عن تقدير المحصول: فلا يكتفى فيه بتقدير التجار، بل يجب الخرص -أي تقدير الثمرة الحاصلة من المزرعة عن طريق عدلين خبيرين- قال النووي في المجموع شرح المهذب -5/ 471: لا يجوز للمالك أن يتصرف في الثمار قبل الخرص لا ببيع ولا أكل، ولا إتلاف حتى يخرص... قال البغوي: ولا يجوز قبل الخرص أن يأكل منه شيئا، ولا يتصرف في شيء، قال: فإن لم يبعث الحاكم خارصا، أو لم يكن حاكم، تحاكم إلى عدلين يخرصان عليه... اهـ.
وقال الرملي في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج -3/ 82: فإن لم يبعث الحاكم خارصا، أو لم يكن، تحاكما إلى عدلين عالمين بالخرص يخرصان عليه، لينتقل الحق إلى الذمة، ويتصرف في الثمرة، ولا يكفي واحد، احتياطا للفقراء... اهـ.
والله أعلم.