السؤال
أدعو ربي بالمال والرزق، وقد سعيت للحصول عليه، لكن الأبواب في وجهي مغلقة، وأي مشروع تجاري ولو كان صغيرا يحتاج لمبلغ من المال لا أملكه. وأنا أريد أن أتاجر وأزيد في الرزق؛ لكي أتزوج وأيسر حياتي؛ فقررت أنا وأمي أن ندعو الله بالرزق الكثير بغير حساب، وأن يفتح لنا الله الأبواب المغلقة، ولنا مدة في هذه الدعوة.
فهل دعوتنا خطأ؛ فننصرف عنها، أم هي صحيحة؛ فنتمسك بها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ييسر لك أمورك، ويرزقك من حيث لا تحتسب، فهو غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين، ما خاب عبد سأله واطّرح بين يديه، فالملجأ إليه، والتوكل عليه.
وقد كنت أنت وأمك على صواب فيما أنتما عليه من الدعاء؛ فإن الله تعالى بيده خرائن كل شيء.
ولا تستعجلا الإجابة؛ فإن ذلك من أسباب عدم استجابة الدعاء. ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي.
فنوصيك بالصبر على الدعاء مع تحرّي أوقات الإجابة، والبُعد عن موانع استجابة الدعاء.
واعلم أن الدعاء لا يخيب؛ لقول النبي صلى الله عليه، وسلّم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطعية رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد، وغيره، وصحح إسناده كثير من أهل العلم.
وجاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (قالوا) أي بعض الصحابة (إذاً) أي إذا كان الدعاء لا يرد منه شيء، ولا يخيب الداعي في شيء منه (نُكثِر) أي من الدعاء لعظيم فوائده. (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (الله أكثر).
قال الطيبي: أي الله أكثر إجابة من دعاءكم.
وقيل: إن معناه فضل الله أكثر: أي ما يعطيه من فضله وسعة كرمه أكثر مما يعطيكم في مقابلة دعاءكم.
وقيل: الله أغلب في الكثرة، يعني فلا تعجزونه في الاستكثار، فإن خزائنه لا تنفد، وعطاياه لا تفنى.
وقيل: الله أكثر ثوابا وعطاء مما في نفوسكم، فأكثروا ما شئتم، فإنه تعالى يقابل أدعيتكم بما هو أكثر منها وأجل. اهـ.
فواصل الدعاء أنت وأمك، ولا تستعجلا الإجابة، واعلم أن الله لا يتعاظمه شيء، فليسأله عبده ما شاء من خيري الدنيا، والآخرة، فإن ذلك لا ينقص فضله.
ولمعرفة شروط إجابة الدعاء؛ انظر الفتوى: 2395.
والله أعلم.