السؤال
سؤالي عن حكم ارتداء النقاب. فأنا أرتدي حجابا طويلا يغطي منطقة الصدر، والكتف، والظهر، وأرتدي لباسا واسعا، -ولله الحمد-، ولكن الاختلاف هنا على الوجه، والكفين، إذ إني أغطي كفيّ أحيانا بلبس القفازات. مع العلم أني آخذ بالقول الذي يقول: إن النقاب مستحب، ولكن في بعض الأحيان عند خروجي للأماكن العامة أشعر بنظرات رجال، أعتقد أنها بسبب لباسي، إذ إنه غريب نوعاً ما بهذا الزمان. هل أنا بهذا أكون آثمة، أم لا؟
وأنا في بعض الأحيان أظن أن التفكير هكذا أنه من الشيطان؛ ليفسد عليّ ديني، ودنياي؛ لأني أشعر أن كل فعل أعمله أجره ناقص؛ بسبب عدم ارتداء النقاب.
فما حكم ذلك؟
باركَ الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب تغطية المراة لوجهها، وكفيها محل خلاف معتبر بين العلماء، ولا إثم على من قلدت العلماء القائلين بإباحة كشف الوجه، والكفين، كما هو الحال في جواز التقليد في المسائل الخلافية لأي واحد من المذاهب المعتبرة، فقد جاء في تحفة المحتاج لابن حجرالهيتمي الشافعي: وحاصل المعتمد من ذلك، أنه يجوز تقليد كل من الأئمة الأربعة، وكذا من عداهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة، ودوّن، حتى عرفت شروطه، وسائر معتبراته. انتهى.
لكن الذي نفتي به، ونرى رجحانه : هو الوجوب، ولا سيما عند خشية الفتنة.
وقد سبق في فتاوى كثيرة بيان أدلة الوجوب، ووجوه ترجيحه بما يغني عن الإعادة، فراجعي منها الفتاوى: 5224، 8287، 50794.
ومن لا حظت نظر الرجال إليها، وخشيت أن يفتتنوا بها، فيتأكد عليها النقاب، فإن المشهور عند المالكية وهم من المبيحين لكشف الوجه عند أمن الفتنة هو وجوب الستر حينئذ، ولا سيما إذا كانت جميلة، فقد جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل (1/ 222): فالوجه والكفان ليسا عورة، فيجوز لها كشفهما للأجنبي، وله نظرهما إن لم تخش الفتنة، فإن خيفت الفتنة به، فقال ابن مرزوق: مشهور المذهب وجوب سترهما، وقال عياض: لا يجب سترهما، ويجب عليه غض بصره، وقال زروق: يجب الستر على الجميلة، ويستحب لغيرها.... اهـ.
وأما عن كون كل فعل تعملينه ناقص الأجر بسبب عدم ارتداء النقاب، فهذا لا يلزم، ولا سيما إن كنت مقلدة في ذلك لقول معتبر من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.