السؤال
أريد أن أصبح مدرسة في اللغة الإنجليزية، وأشعر أنها رسالتي في الحياة منذ كنت طفلة في الثالثة من عمري، وكل من يقابلني يرى لي مستقبلا باهرا في اللغة، وقد أنعم الله عليَّ بهذه النعمة، دون أن أتعب -فالحمد لله- أجيد اللغة كالذي تخصص فيها، ودرسها، وقد عينت صديقتي في مكان لتدريس اللغة الإنجليزية منذ فترة، وأتابع معها كل شيء -من تحضيرها، ومواعيدها، وطلابها-، وأشعر بالسعادة الغامرة، وكأنني لا أستطيع أن أنتظر بعد الآن، وأريد أن أعمل حيث تعمل، وأطلق العنان لأحلامي، وأشعر بالفعل بالساعدة الغامرة عند تخيل الشرح للطلبة، وأن أكون صاحبة وظيفة أحبها، ويكون لي دوامي، وأذهب إلى العمل، وأملأ حياتي بشيء من الهدف، فهل يجوز أن أكون مدرسة؟ أم لا يجوز أن أخرج خارج المنزل، وأدرس أمام الطلبة، لوجود الاختلاط في بلدنا؟ وهل يجوز أن أحظى بالوظيفة، وأحقق حلم أبي، وحلمي، وأدرس الطلبة المختلطين؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال اختلاطا محرما، إلا لضرورة، أو حاجة شديدة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 125751، وفيها بيان ضابط الاختلاط المحرم.
فخير لك القرار في بيتك -أيتها الأخت السائلة- لا سيما إن كنت مكفية النفقة، ولم تكوني مضطرة، أو محتاجة إلى الوظيفة، والراتب، فقد قال الله تعالى لأمهات المؤمنين، وهن القدوة لكل مسلمة: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {سورة الأحزاب:33}.
قال القرطبي في تفسيره: مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ: الْأَمْرُ بِلُزُومِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَدْ دَخَلَ غَيْرُهُنَّ فِيهِ بِالْمَعْنَى، هَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يَخُصُّ جَمِيعَ النِّسَاءِ، كَيْفَ وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ النِّسَاءِ بُيُوتَهَنَّ، وَالِانْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ. اهـ.
وسُئِلَت فاطمة -رضي الله عنها-: مَا خَيْرُ لِلْمَرْأَةِ؟ قَالَتْ أَنْ لَا تَرَى الرِّجَالَ، وَلَا يَرَوْهَا. رواه البزار في مسنده.
وأما إن كنت غير مكفية النفقة، وتحتاجين إلى العمل، فقد سبق أن بينا في الفتويين: 363772، 438895حكم عمل المرأة في مكان مختلط للحاجة، فراجعيها.
والله أعلم.