الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشرع سجدة الشكر عند حصول نعمة أو اندفاع نقمة

السؤال

هل يوجد في الشريعة الإسلامية صلاة الشكر؟ وما كيفيتها؟ وهل تؤدى في جماعة؟ وكم عدد ركعاتها؟ وتأصيلها من الكتاب والسنة والآثار، وما الفرق بينها وبين سجود الشكر، ودعاء الشكر، ودعاء الحاجة؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا حدثت لك نعمة كشفاء مريض، أو قدوم غائب، أو رزقت بمولود، أو اندفعت عنك نقمة، فقد استحب جمهور أهل العلم أن تسجد سجدة شكر لله تعالى، على حدوث النعمة أو اندفاع النقمة، لما رواه أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: سجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكراً.

ولما رواه البيهقي -وأصله في البخاري- عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث عليًا إلى اليمن، فذكر الحديث قال: فكتب علي بإسلامهم فلما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكتاب خرَّ ساجداً شكرًا لله تعالى على ذلك. وقال الترمذي: إسناده صحيح.

وروى عبد الرزاق في مصنفه أن عمر أتاه فتح من قبل اليمامة فسجد، وسجد أبو بكر حينما جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي حين وجد ذا الثدية بين قتلى الخوارج.

وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه يكره ذلك، لأن الإنسان لا يخلو من نعمة. ولكن قال بمشروعيتها ابن حبيب واللخمي من المالكية، وعزاها ابن القصار إلى مالك.

وأحكام سجود الشكر كأحكام سجود التلاوة من حيث إنَّه تشترط له الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، وغير ذلك مما يشترط في صلاة النافلة، وذلك لمن اعتبرها صلاة، ومن لم يرها مثل الصلاة، كشيخ الإسلام ابن تيمية لم يشترط لها تلك الشروط.

ولعل هذا الأخير هو الصواب، لأن الله تعالى سماه سجوداً ولم يسمه صلاة، ولأنه لا تشترط الطهارة لقارئ القرآن عن ظهر قلب، وفي منعه من السجود في مواضعه تفويت لأجر عظيم بلا دليل، وسجود الشكر من باب أولى، لأنه ثناء على الله مع تذلل بين يديه، ومن تأمل الأدلة السابقة ومناسباتها تبين أن السجود أعم من الصلاة في حقيقتها الشرعية.

وأما صلاة الشكر؛ فلم يثبت شيء فيها، والثابت بالآثار سجود الشكر.

وأما دعاء الحاجة؛ فلا يعرف دعاء بهذا الاسم، ولكن هناك بعض الأحاديث التي وردت في صلاة تسمى صلاة الحاجة، منها ما رواه الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ ويحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين وليثنِ على الله تعالى، وليصل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا، إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. والحديث فيه ضعف، وقد عد بعض أهل العلم تلك الصلاة بدعة، لعدم ثبوت الحديث عنده، وذهب إلى مشروعيتها آخرون، وهذا الأصوب إن شاء الله تعالى.

وراجع الفتوى: 1390.

وأما دعاء الشكر؛ فلا نعرف دعاء بهذا الاسم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني