السؤال
ما حكم مُشاهدة مقاطع الفيديو التي تحتوي على سيارات فاخرة وغيرها من متاع الدنيا؟ وهل ذلك يدخُل في قول الله تعالى: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى {طه: 131}؟
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مشاهدة مقطع يحوي على سيارات فارهة، أو غير ذلك من متاع الدنيا؛ ليس مذموما بإطلاق، وإنما تُذم المشاهدة إذا كانت على وجه التعظيم لذلك المتاع الدنيوي، والتعلق به، وتعظيم أهله.
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: فالنظر إلى متاع الدنيا على وجه المحبة والتعظيم لها ولأهلها منهي عنه، والنظر إلى المخلوقات العلوية والسفلية على وجه التفكر والاعتبار مأمور به، مندوب إليه. اهـ
وقال -كما في مختصر الفتاوى المصرية-: ومن نظر إلى الخيل، والبهائم، والأشجار على وجه استحسان الدنيا، والرئاسة والمال فهو مذموم، لقوله تعالى: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه {طه: 131}. وأما إن كان على وجه لا ينقص الدين، وإنما فيه راحة النفس فقط؛ كالنظر إلى الأزهار، فهذا من الباطل الذي يستعان به على الحق. اهـ
وفي تفسير البحر المحيط لأبي حيان: يقال: مد البصر إلى ما متع به الكفار، يقال: مد نظره إليه إذا أدام النظر إليه، والفكرة في جملته وتفصيله، قيل: والمعنى على هذا: ولا تعجب يا محمد مما متعناهم به من مال، وبنين، ومنازل، ومراكب، وملابس، ومطاعم، فإنما ذلك كله كالزهرة التي لا بقاء لها، ولا دوام، وإنها عما قليل تفنى وتزول، والخطاب وإن كان في الظاهر للرسول -صلى الله عليه وسلم- فالمراد أمته، هو كان -صلى الله عليه وسلم- أبعد شيء عن النظر في زينة الدنيا، وأعلق بما عند الله من كل أحد، وهو القائل في الدنيا: ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ما أريد به وجه الله، وكان شديد النهي عن الاغترار بالدنيا، والنظر إلى زخرفها: ولا تمدن {طه: 131} أبلغ من لا تنظر، لأن مد البصر يقتضي الإدامة والاستحسان، بخلاف النظر، فإنه قد لا يكون ذلك معه... والنظر غير الممدد معفو عنه، وذلك مثل من فاجأ الشيء ثم غض بصره، والنظر إلى الزخارف مركوز في الطبائع، فمن رأى منها شيئا أحب إدمان النظر إليه، وقد شدد المتقون في غض البصر عن أبنية الظلمة، وعدد الفسقة -مركوبا، وملبوسا، وغيرهما-؛ لأنهم إنما اتخذوها لعيون النظارة حتى يفتخروا بها، فالناظر إليها محصل لغرضهم، وكالمغري لهم على اتخاذها. اهـ.
والله أعلم.