السؤال
اعتدت أن أصلي صلاة الفجر في وقتها، وفي المسجد، وهذا لأنني كنت أنام مبكراً بعد صلاة العشاء. ولكني الآن لا أستطيع أن أفعل ذلك؛ بسبب أن والدتي تقوم بتحضير الطعام -الغداء- في وقت متأخر ليلاً -قرابة الحادية عشرة مساءً- وهذا يحول بيني، وبين الاستيقاظ لصلاة الفجر.
على الجانب الآخر، فإن أخي لا يجلس معها في هذا الوقت دائماً، وما بعده. فأنا أجلس معها، حتى لا تشعر أمي بالوحدة؛ حيث إن أبي توفي هذه السنة.
هل أرفض الطعام في هذا الوقت، حتى أستطيع النوم مبكراً للاستيقاظ لصلاة الفجر، أو إن ذلك يعتبر عقوقا لأمي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه. أما بعد:
فنصيحتنا لك أن تسعى في إقناع أمّك بتعجيل إعداد الطعام، وترك السهر المُفوِّت لصلاة الصبح في وقتها.
وإذا لم يكن ذلك ممكنا؛ فاحرص على مؤانسة أمك، وجبرِ خاطرها بتناول الطعام معها، فإن في ذلك ثوابا عظيما. ولا تعتبر في هذه الحالة قد وقعت في السهر المذموم.
جاء في إكمال المُعلم للقاضي عياض: وأما كراهة الحديث بعدها ( صلاة العشاء ) فلما يؤدي إليه من السهر. ومخافة غلبة النوم؛ وفوت صلاة الصبح في الجماعة، أو في وقتها، أو النوم عن قيام الليل، وذكر الله فيه؛ وقد جعل الله الليل سكنا؛ كما قال تعالى: {لباسا} أي سكنا، وكما قال:{لتسكنوا فيه}.
وأبيح الحديث، والسهر فيه، لما فيه مصلحة، أو طريق مبرة وخير، كالمسافر، والعروس، ومع الضيف. ومدارسة العلم، ونحو هذا من سبل الخير. اهـ.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها.
أما ما فيه مصلحة، وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف، والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله، وأولاده للملاطفة والحاجة. اهـ.
ولا شك أن مؤانسة الأم، وجبر خاطرها أولى من مؤانسة غيرها من الناس، كالضيف، أو العيال، أو غيرهم.
وفي حال ما إذا غلبك النوم عن صلاة الفجر ـ بعد السهر مع أمك ـ فإنك لا تأثم إذا كنت قد نمت قبل دخول وقت الفريضة، كما نصّ على ذلك كثير من أهل العلم.
وراجع التفصيل في الفتوى: 334279 وهي بعنوان: "حكم السهر للمذاكرة، وقراءة القرآن إن كان يُضيِّع صلاة الصبح أحيانا".
والله أعلم.