السؤال
نعلم أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. ولكن هل الخدمات تدخل في هذا الحديث، حيث إن الخدمة هي ما يتم إنجازه بطلب من الزبون: كرسم لوحة فنية، أو خياطة فستان... أي لا أمتلكها حاليا.
فهل يجوز أن آخذ ثمنها قبل إعدادها، مع الاتفاق على موعد التسليم؟
وفي بعض الأحيان لا أكون أنا من أنجز الخدمة، فبعد طلب الزبون، أذهب وأطلب نفس الشيء من شخص آخر، ليُعد الخدمة، وأُعيد بيعها لزبوني وأربح من فارق الثمن. فهل يجوز هذا الفعل؟
شكرا على الإجابة مسبقا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد على المنافع ليس بيعا، وإنما هو إجارة، وكذا الخدمات في كثير من صورها، ومعلوم أن المنافع لا توجد ساعة العقد وإنما تحدث بعد ذلك، ولذلك جعلوا بيعها أصلا يقاس عليه البيع سلما.
كما ذكر ابن الرفعة في شرح التنبيه في بيان وجه جواز بيع السلم وإن كان فيه غرر، قال: كعقد الإجارة على المنافع المعدومة. اهـ.
وقال ابن القيم في «إعلام الموقعين»: الصواب أنه -يعني بيع السلم- على وفق القياس، فإنه بيع مضمون في الذمة موصوف مقدور على تسليمه غالبا، وهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة. اهـ.
وفي الإجارة على عمل في الذمة، لا حرج في أن يستأجر الأجير غيره فيها، سواء بالأجرة نفسها أو أقل أو أكثر، ما دام العمل مما لا يختلف باختلاف الأعيان، إلا إن اشترط المستأجر الأول أن يعمل الأجير بنفسه، فعندئذ لا يصح أن يستأجر غيره، بل يلزمه أن يقوم به هو نفسه، وراجع في ذلك الفتوى: 368845.
وأما إن كانت المواد الخام اللازمة للعمل ستكون من عند العامل، فعندئذ لا تكون إجارة محضة، بل تجمع بين الإجارة وبين البيع عموما والسلم خصوصا، وهو ما يعرف بعقد الاستصناع، وتعجيل الثمن في هذا العقد أقرب لصحته؛ لما بينه وبين السلم من الشبه، ولكن هذا ليس بشرط، فيجوز تعجيل الثمن أو تأخيره، كله أو بعضه. كما لا يشترط أن يكون ما يأتي به العامل من صنعه هو إلا إذا اشترط المستصنع ذلك.
وراجعي في بيان عقد الاستصناع وشروط صحته، الفتوى: 11224.
والله أعلم.