السؤال
يا سيدي: غض البصر، غض البصر. ما أجمله وما أحسنه. وما أكثره مشقة، فهو أشق من أن أحمل جبل أحد.
يا سيد: هناك مواقف إن غضضت فيها بصري سأصبح غريبا، مثل أن أكون في محاضرة وتناديني الدكتورة، ويمكن أن يكون شيء من شعرها ظاهرا. فإن لم أنظر إليها ربما أحرجتني وسط الجميع وقالت: لم لا تنظر؟
وقد أرسلت لكم سؤالا من قبل فيه مواقفي بالتفصيل.
أرجو أن تجيبوني في أسرع وقت؛ لحاجتي الشديدة لهذا.
أريد إجابة واضحة صريحة شفافة، ولا أريد أن تقول قال: فلان كذا، وقال فلان: كذا؛ مما يجعل الفتوى كبيرة.
اكتبوا لي لو تفضلتم مختصرا. وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن كثيرا من مظاهر التدين أصبحت غريبة في هذا العصر، ورجوع الدين غريبا كما بدأ، قد أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه بشَّرَ الغرباءَ، وحضَّ على التمسك بالدين وأحكامه في زمن الغربة، وقد سبق لنا ذكر بعض الإرشادات الهادية لمن وقع في هذه الغربة، وذلك في الفتوى: 133251.
وغض البصر وإن كان شاقا مع وجود الاختلاط المشين، إلا إنه يسير على من يسره الله عليه.
فدع عنك لوم الناس، وراقب ربك -سبحانه- واحرص على إرضائه وإن سخط الناس، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أرضى الله بسخط الناس، كفاه الله الناس. ومن أسخط الله برضى الناس، وكله الله إلى الناس. وفي رواية: من التمس رضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى الناس عنه. ومن التمس رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. رواه الترمذي وابن حبان وأبو نعيم، وصححه الألباني.
والأصل في النظر إلى النساء الأجنبيات هو المنع، وغض البصر عنهن واجب ولو بدون شهوة، ويستثنى من ذلك حالات الضرورات أو الحاجات المعتبرة، كالكشف الطبي مثلا، وإن أردت فراجع تفصيل ذلك في الفتاوى: 180127، 136860، 158031.
ومن جملة ما يسثنى: نظرة الفجأة الأولى دون ما بعدها من النظرات، وراجع في ذلك الفتوى: 26644.
ولمزيد الفائدة، يمكن الاطلاع على الفتويين: 249847، 266074.
وإن أردت الوقوف على ثمرات وفوائد غض البصر، وما يعين على ضبطه، فراجع الفتاوى: 78760، 18768، 116151،70444.
والله أعلم.