السؤال
الحمد لله وبعد يا شيخنا الفاضل أريد أن أعرف جلسات الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة وخارجها وفي البيت ومع الصحابة كيف يجلس بعد إنهاء الصلاة متربعا ولا كيف يعني كل صغير وكبير عن جلساته الله يبارك فيك وينور طريقكم .وأيضا أين كان يضع يده خارج الصلاة أو بعد إنهاء الصلاة وأين كان يضعها لما يكلم أحدا من أصحابه أو زوجاته؟ وشكراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجلسات النبي صلى الله عليه وسلم المسنونة في التشهد ثلاث:
الأولى: الافتراش، وتكون في التشهد الأول، وذلك أنه كان ينصب رجله اليمنى ويفرش اليسرى ويجلس عليها.
الثانية: التورك، ويكون في التشهد الأخير، وذلك أنه كان ينصب رجله اليمنى ويدخل اليسرى تحتها، ويجلس على أليتيه.
الثالثة: الإقعاء، ويكون في الجلوس بين السجدتين أحيانا، وذلك بأن ينصب قدميه ويلصق أليتيه على عقبيه، وقد ذكرنا أدلة مشروعية هذه الجلسة والفرق بينها وبين الإقعاء المنهي عنه في الفتوى رقم: 15980.
وأما التربع، فهو أن يقعد الشخص على وركيه ويمد ركبتيه اليمنى على جانب يمينه، وقدمه إلى جانب يسراه واليسرى بعكس ذلك، فقد اختلفوا فيه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح": قال ابن عبد البر: اختلفوا في التربع في النافلة وفي الفريضة للمريض، وأما الصحيح فلا يجوز له التربع في الفريضة بإجماع العلماء، كذا قال، وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لأن أقعد متربعا على رضفتين أحب إلي من أن أقعد متربعا في الصلاة. وهذا يشعر بتحريمه عنده، ولكن المشهور عن أكثر العلماء أن هيئة الجلوس في التشهد سنة، فلعل ابن عبد البر أراد بنفي الجواز إثبات الكراهة.
وأما جلساته عليه الصلاة والسلام خارج الصلاة، فقد ورد أنه كان يجلس محتبيا. رواه البخاري وروى أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة كما قال الإمام النووي عن جابر بن سمرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء.
وعن الشريد بن سويد قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي، فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم. رواه أبو داود بإسناد صحيح، كما قال النووي رحمه الله هذا ما تيسر لنا جمعه فيما يتعلق بجلساته، وقد صرح العلماء بأن له أن يجلس كيف شاء ما لم يترتب على ذلك محظور، قال الإمام النووي رحمه الله في "المجموع": يجوز القعود متربعا ومفترشا ومتوركا ومحتبيا والقرفصاء والاستلقاء على القفا ومد الرجل وغير ذلك من هيئات القعود ونحوها، ولا كراهة في شيء من ذلك ما لم يكشف عورته ولم يمد رجله بحضرة الناس، وقد نظاهرت الأحاديث الصحيحة على ذلك. اهـ.
وأما وضع يده خارج الصلاة، فلم نقف في هذا على شيء مأثور أنه كان يضع يده في أماكن محددة من جسده أو ثوبه أو غير ذلك بعد الصلاة وسائر أوقاته، والأمر في هذا فيه سعة، ولا يترتب عليه عمل.
والله أعلم.