السؤال
الإمام في حيّنا يصلي بنا في كل ركعة من ركعات صلاة التراويح بالفاتحة، وسُور من السور الطوال؛ ليختم القرآن، وبعد ذلك يقرأ سورة الإخلاص، فهل يجوز ذلك؟ وهل قراءة سورة الإخلاص في كل ركعة، لا يعدّ بدعة؟
الإمام في حيّنا يصلي بنا في كل ركعة من ركعات صلاة التراويح بالفاتحة، وسُور من السور الطوال؛ ليختم القرآن، وبعد ذلك يقرأ سورة الإخلاص، فهل يجوز ذلك؟ وهل قراءة سورة الإخلاص في كل ركعة، لا يعدّ بدعة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من البدعة أن يختم الإمام قراءته في الصلاة بقراءة سورة الإخلاص بعد الفاتحة، والسورة التي تليها، وقد فُعل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرّه، ففي الصحيحين عنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟» فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ».
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قَوْلُهُ: فَيَخْتِمُ بقل هُوَ الله أحد. قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يقْرَأ بغَيْرهَا، ثمَّ يَقْرَأها فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ.
وفي صحيح البخاري أيضًا من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بِهَا لَهُمْ فِي الصَّلاَةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ، افْتَتَحَ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا، وَتَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ أَصْحَابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ»، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ».
وانظر لمزيد من الفائدة الفتويين: 121974، 152287.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني