السؤال
أموالي مختلطة، فيها الحلال، وفيها الحرام بعينه، وفيها الحرام لكسبه، وأنا أنوي أن أعيد المحرم بعينه إلى أصحابه. فهل يجوز أن آكل من أموالي؟ وهل يجوز أن ألبس الثياب التي اشتريتها بها؟ وإذا كان لا يجوز؛ فمن أين آكل إلى أن يفرجها الله، ويرزقني مصدر رزق حلال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكأن السائل يعني بالحرام بعينه: ما تعلق به حق الغير، كالمسروق والمغصوب. وهذا إن كان باقيا بعينه وجب رده لصاحبه، وإن تلف أو استهلك رد مثله إن كان مثليا، وإلا فقيمته، يوم السرقة أو الغصب.
وأما ما كان حراما لطريقة كسبه، وأخذ برضا الدافع، فهذا لا يرد لدافعه، ويتوب منه مكتسبه، ويتخلص منه بإنفاقه في أوجه الخير، وإن كان محتاجا لنفسه، أو لمن تلزمه نفقته، جاز أن يأخذ منه بقدر الحاجة، أسوة ببقية الفقراء، كما يجوز له إن كان يحسن التجارة، أو امتهان صنعة يتكسب منها، أن يأخذ من هذا المال ما يكفيه لتجارته أو صنعته.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية ما ملخصه: من كسب مالًا حرامًا برضاء الدافع، ثم تاب -كثمن خمر، ومهر البغي، وحلوان الكاهن-، فالقابض إذا لم يعلم التحريم ثم علم، جاز له أكله. وإن علم التحريم أولًا، ثم تاب، فإنه يتصدق به. كما نص عليه أحمد في حامل الخمر. وللفقير أكله، ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه. وإن كان فقيرًا، أخذ هو كفايته له. اهـ.
وجاء في مجموع فتاويه: إن تابت هذه البغي، وهذا الخَمَّار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر، أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال. اهـ.
وراجع للفائدة الفتاوى: 396955، 297055، 148417، ، 293872.
وهذا إذا كان المال كله حراما، فإن كان مختلطا، فالأمر أيسر، فله منه بقدر الحلال دون إشكال، وإن كان يجهل هذا القدر، فليجتهد في تقديره.
والله أعلم.