السؤال
أنا طالبة، ووالدي يرفض حفظ القرآن، بل يرفض معظم أمور الدِّين، ويجبرني على التبرّج، لكني أرفض، وعندما سافر آخر مرة ابتدأت لبس الخمار دون علمه، وإخواني وأخواتي يهددونني بأنهم سيخبرونه، وأنا أتمنى أن أرتدي النقاب، لكني أخاف أن يؤذيني، ولا أعرف ماذا أفعل، وأحاول أن أدرس العلم الشرعي دون علمه، وأحفظ القرآن، ودخلت أكاديمية للعلم الشرعي وكانت تحتاج إلى مال؛ فأخذت من الفيزا دون علمه، وحاولت أن أحفظ القرآن وحدي، لكني فشلت أكثر من مرة، فلا بدّ من معلّمة لتحفظني إياه، فدخلت إحدى الأكاديميات، وأخذت أيضًا مالًا دون علمه، وهو يبخل علينا جدًّا، ولا يعطيني إلا القليل من أجل المواصلات، فهل لبس النقاب، وأخذ المال حرام، مع حاجتي الشديدة إليه؟ وان كان حرامًا، فما كفارته؟ جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على المحافظة على طاعة الله، وحرصك على تعلّم العلم النافع، ونسأل الله أن يثبتك، ويوفقك لكل خير، ويزيدك هدىً، وتقى.
واعلمي أنّ الواجب عليك أن تلبسي الحجاب الساتر، ولا يجوز لك طاعة أبيك في تركه؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف.
أمّا النقاب، فالأمر فيه أسهل؛ ففي وجوبه خلاف بين أهل العلم، وما دمت تخشين الأذى من أبيك بسبب لبسه؛ فلا حرج عليك في تركه.
وقد أحسنت بحرصك على تعلم العلم النافع، وخاصة القرآن الكريم، لكن أخذك من مال أبيك دون علمه لهذا الغرض؛ غير جائز؛ فإن هذا العلم غير الواجب ليس داخلًا في النفقة الواجبة على الوالد لولده، وراجعي الفتوى: 59707.
أمّا إذا كان أبوك لا يعطيك ما يكفيك لنفقتك الواجبة -من المطعم، والملبس-؛ فلك في هذه الحال أن تأخذي دون علمه ما يكفي لنفقتك بالمعروف، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا، أَيْ: النَّفَقَةِ، الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ بِلَا إذْنِهِ، مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»، وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.
وبخصوص ما سبق لك أخذه من ماله دون إذنه؛ فعليك أن تستحلّيه منه، أو تردّيه إليه عند قدرتك على ردّه.
والله أعلم.