السؤال
أنا كثيرة النظر للرجال، وأحبّ النظر إليهم وتأملهم كثيرًا، فهل هذا حرام؟ فأنا أنظر إليهم فقط، وأحمل صورًا كثيرة لرجال في هاتفي، وأنظر إليها، فهل يجب أن أمسحها؟ وما حكم النظر إلى رجل دون قميص؟ وهل ذلك حرام؟ فقد كنت أظن أن صدر الرجال ليس بعورة، وهل الانجذاب للرجال طبيعي؟ فقد أصبحت أخاف وأرتعد أن أكون منحرفة وسيئة، ولكني أصلي وملتزمة. أفيدوني، وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنظرك إلى الرجال على الوجه المذكور؛ محرم، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية في الصحيح، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن نظر المرأة إلى أي عضو من أعضاء الرجل الأجنبي، يكون حرامًا إذا قصدت به التلذذ، أو علمت، أو غلب على ظنها وقوع الشهوة، أو شكت في ذلك، بأن كان احتمال حدوث الشهوة وعدم حدوثها متساويين؛ لأن النظر بشهوة إلى من لا يحل -بزوجية أو ملك يمين- نوع زنى، وهو حرام عند جميع الفقهاء. اهـ.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: وكل من أبيح له النظر إلى من لا يحل له الاستمتاع به، لم يجز له ذلك لشهوة وتلذذ؛ لأنه داعية إلى الفتنة. انتهى.
وقال القاضي عياض -رحمه الله- في إكمال المعلم بفوائد مسلم: لأنه إنما يكره لهنَّ من النظر إلى الرجال ما يكره للرجال فيهنّ من تحديق النظر لتأمل المحاسن، والالتذاذ بذلك، والتمتع به. انتهى.
وأمّا نظر المرأة إلى الرجال عند أمن الفتنة بغير شهوة، ولا التذاذ؛ فالراجح عندنا جواز نظرها إلى ما ليس بعورة منه، وهو ما فوق السرة وتحت الركبة، وهذا قول كثير من الفقهاء، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: أَمَّا إِذَا كَانَ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الأْجْنَبِيِّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ يَقِينًا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَحِل لَهَا النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَمَا لاَ يَحِل، عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الأوَّل: يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ مِنَ الرَّجُل الأْجْنَبِيِّ إِلَى مَا سِوَى عَوْرَتِهِ، أَيْ: إِلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنَ الرَّجُل... وإلى هذا القول ذهب الحنفية في الأصح، والشافعية في الأصح أيضًا، والحنابلة في المذهب. انتهى مختصرًا.
وجاء في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: وفيه دليل على جواز نظر النساء إلى الأجانب من الرجال، على مثل هذه الحال التي قد أُمنت المفاسد والفتن فيها. انتهى.
واعلمي أنّ انجذابك إلى الرجال، ومحبة النظر إلى صورهم؛ أمر طبيعي، لكنّه لا يسوّغ لك النظر إليهم، والاحتفاظ بصورهم من أجل ذلك، قال الدهلوي -رحمه الله- في حجة الله البالغة: اعلم أنه لما كان الرجال يهيجهم النظر إلى النساء على عشقهن، والتوله بهن، ويفعل بالنساء مثل ذلك، وكان كثيرًا ما يكون ذلك سببًا لأن يبتغي قضاء الشهوة منهنّ على غير السنة الراشدة ... اقتضت الحكمة أن يسد هذا الباب. انتهى مختصرًا.
فالواجب عليك أن تجاهدي نفسك، وتستعيني بالله تعالى على غضّ البصر، وتزيلي صور الرجال الأجانب من هاتفك، ولا تتهاوني في هذا الأمر؛ فإنّ إطلاق البصر إلى الحرام من أسباب فساد القلب، والوقوع في الحرام، وغض البصر من أنفع الأمور لحفظ الفرج، وصلاح القلب.
وراجعي في فوائده وثمراته الفتوى: 78760.
والله أعلم.