السؤال
أنا عمري 25 سنة. -الحمد لله- أصلي، وأقوم بواجباتي الدينية. ذات يوم رأيت صديقي في البحر، وكان يشرب الخمر مع أقاربه، وتوجهت إليه، وصافحتهم، وتحدثت معه لمدة دقيقة، أو أقل بجانبه، وكان يشرب الخمر، ثم غادرت، ولم أجلس معهم.
أحسست أنني ارتكبت معصية، وأصبح ضميري يؤلمني، وتبت من جميع الذنوب. هل أنا أعتبر جليس شارب الخمر؟ أو هل ارتكبت ذنبا، أو معصية؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لك التوجه إلى هؤلاء القوم، والسلام عليهم -وقد رأيتهم على شرب الخمر- إلا إذا كنت تريد نصحهم، ونهيهم عن المنكر الذي هم عليه.
أما ذهابك إليهم لغير هذا القصد، فلا يجوز؛ لأن الإنسان إذا رأى قوما على منكر، فلا يجوز له الذهاب إليهم، إلا عند المقدرة على الإنكار، كما هو مقرر في كلام الفقهاء. وقد يكون الوقوف معهم - وهم على تلك الحالة - داخلا فيما ينهى عنه من الجلوس على مائدة يدار عليها الخمر، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر. رواه الترمذي والحاكم. وفي رواية عند أبي داود: يشرب عليها الخمر.
وقد رفع إلى عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- قوم يشربون الخمر فأمر بضربهم، فقيل له: إن فيهم فلانا صائما، فقال: ابدؤوا به، ثم قال: أما سمعت قوله تعالى: ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) [ النساء: 140].
قال ملا علي قاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح": (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يجلس على مائدة): أي لا يحضر في بقعة (تدار عليها الخمر): أي ويشربها أهلها، فإنه وإن لم يشربه يجب عليه نهيهم عنها، فإذا جلس ولم ينكر عليهم، ولم يعرض عنهم، ولم يعرض عليهم، فلا يكون مؤمنا كاملا). اهـ
وقال المناوي في "فيض القدير": (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) وإن لم يشرب معهم؛ لأنه تقرير على المنكر). اهـ
فعليك بالتوبة إلى الله والاستغفار، ومن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإذا تبت من ذلك فلا بأس عليك بعد ذلك، واحذر من أن تعود لمثلها.
وعليك اجتناب صحبة أهل السوء ومصادقتهم، فإن صحبة أهل السوء تجر إلى ما هم عليه، وتجلب على المرء من البلايا والشرور ما الله تعالى به عليم.
والله أعلم.