السؤال
اتفق مزارع مع تاجر على شراء الطماطم منه بسعر معين، وفي اليوم التالي قام المزارع بإحضار العمال، وقطف الطماطم، وحضر التاجر وبدأ يفاوض المزارع بخفض السعر؛ محتجًّا بانخفاض الأسعار في السوق، وذكّره المزارع بالاتفاق، فألحّ عليه حتى خفض له قليلًا من السعر، ولكن التاجر طالبه بالمزيد، وبدأ يحاول التملص من الشراء، فغضب المزارع منه كثيرًا بسبب مراوغته، ومحاولته نقض البيع، وقال له: أنت بين خيارين: إما شراؤها بالسعر الذي اتفقنا عليه، وإما أن تدفع أجرة العمال -100 دينار- وأنت في حل، فدفع أجرة العمال وذهب، وحاول بعدها استرداد المبلغ من خلال التوسط ببعض الأشخاص، مدعيًا أن ما أخذه المزارع حرام عليه، فهل هذا المبلغ غير جائز للمزارع، وهو الذي تضرر من تراجع هذا التاجر عن البيع بعدما أحضر العمال، وقطف الثمار؟ مع العلم أنه باع ثماره بسعر أقل بعد ذلك.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المزارع فيما أخذه من التاجر تعويضًا عما غرمه بسبب الاتفاق الذي حصل بينهما؛ لأنه إذا كان الذي حصل من الاتفاق بين التاجر والمزارع مجرد مواعدة على الشراء وليس بيعًا لازمًا؛ فالراجح عندنا أنّ الموعود إذا تضرر بسبب إخلاف الوعد، كان له حقّ في التعويض عن هذا الضرر، فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: (2، 3) بشأن الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء:
ثانيًا: الوعد (وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد) يكون ملزمًا للواعد ديانة، إلا لعذر، وهو ملزم قضاء، إذا كان معلقًا على سبب، ودخل الوعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر. انتهى.
وأمّا إذا كان الذي حصل بين التاجر والمزارع عقدًا للبيع، وليس مجرد مواعدة؛ فالذي حصل بينهما بعد ذلك إقالة.
وعليه؛ فلا حرج في أخذ التعويض المذكور، كما بينا في الفتوى: 108016.
والله أعلم.