السؤال
قرأت في فتوى عندكم برقم: (138955)، تحمل عُنوان: (من يحق له العدول عن قضاء الصوم إلى الكفارة)، لكنْ لم أستوضِح عن مَنْ يحق له العدول عن الصيام إلى الإطعام من ناحية شرعية، أو بعبارة أُخرى هل مِنْ حَدٍّ للعاجِز؟
قرأت في فتوى عندكم برقم: (138955)، تحمل عُنوان: (من يحق له العدول عن قضاء الصوم إلى الكفارة)، لكنْ لم أستوضِح عن مَنْ يحق له العدول عن الصيام إلى الإطعام من ناحية شرعية، أو بعبارة أُخرى هل مِنْ حَدٍّ للعاجِز؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يعدل عن الصيام إلى الإطعام هو الكبير: الذي لا يستطيع الصوم، والمريض الذي لا يرجى برؤه، فهؤلاء يفطرون، ويطعمون مكان كل يوم يفطرونه مسكينا، وحد العجز الذي ينقل من الصيام إلى الإطعام هو أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة يتضرر بها.
قال ابن قدامة في المغني ما ملخصه: الشيخ الكبير وَالْعَجُوزَ، إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا الصَّوْمُ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً، فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّوْمَ لِعَجْزِهِ، فَلَمْ تَجِبْ فِدْيَةٌ، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا الْآيَةُ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهَا: نَزَلَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ. وَلِأَنَّ الْأَدَاءَ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ إلَى الْكَفَّارَةِ كَالْقَضَاءِ.... وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، يُفْطِرُ، وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ. قَالَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَنْ بِهِ شَهْوَةُ الْجِمَاعِ غَالِبَةٌ، لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ، وَيَخَافُ أَنْ تَنْشَقَّ أُنْثَيَاهُ: أَطْعِمْ. أَبَاحَ لَهُ الْفِطْرَ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، فَهُوَ كَالْمَرِيضِ، وَمِنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ لِعَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَوْجَبَ الْإِطْعَامَ بَدَلًا عَنْ الصِّيَامِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَرْجُو إمْكَانَ الْقَضَاءِ، فَإِنْ رَجَا ذَلِكَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَالْوَاجِبُ انْتِظَارُ الْقَضَاءِ وَفِعْلُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] . وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني