الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الشركة بشراء شخص لمواشي يدفعها لآخر يتحمل كل نفقاتها

السؤال

أود الاستفسار عن شرعية الاتفاق الآتي:
1- إعطاء مبلغ من المال لشخص ليقوم بشراء مواشٍ بغرض التربية والبيع، وبعد فترة زمنية من ستة أشهر إلى سنة يتم تقسيم الربح بنسبة الثلث لصاحب رأس المال، والثلثين للشخص (المضارب) المسؤول عن الشراء والتربية والبيع، على أن يتحمل ذلك الشخص جميع نفقات النقل والأكل وخلافه للمواشي، ولا يتم خصمها من الأرباح في حال الربح، بل تكون من ضمن ربح المضارب، وكذلك في حال الخسارة ستكون من ضمن خسارته، فيخسر مجهوده ومصروفات النقل والأكل وخلافه، وأيضا مجهوده. فهل هذه الصيغة شرعية.
مثال لذلك تم شراء رأس ماشية بعشرة آلاف جنيه، وتم صرف ثلاثة آلاف جنيه من المضارب على إعاشتها ونقلها وخلافه، ثم تم بيعها بثلاثة عشر ألفا، وبذلك يكون المكسب بعد خصم رأس المال ثلاثة آلاف جنيه، يأخذ منها المضارب الثلثين (ألفي جنيه) وصاحب المال يأخذ الثلث ألف جنيه، وبذلك يكون صاحب رأس المال كسب ألفا، والمضارب خسر مجهوده وألف جنيه؛ لأن المصروفات أكثر من ربحه.
2- هل يمكن الاتفاق على أنه إذا قام المضارب بدفع المصروفات يتم حسابها كنسبة من رأس المال، ويصبح شريكا في رأس المال مع الحفاظ على نسبته كمضارب، ويصبح مضاربا بنسبة معلومة (50 %) وشريكا في رأس المال بنسبة المصروفات التي دفعها إلى رأس المال الأصلي، ويأخد نسبته من (50%) الخاصة برأس المال مكسبا وخسارة؟ علما بأن المصروفات لا يمكن حسابها إلا في آخر المدة، وبالتالي نسبة مشاركته في رأس المال لن تكون معلومة إلا قبل توزيع الربح. علما بأن المضارب سينتفع خلال فترة التربية بالحليب وخلافه بدون دخولها ضمن الأرباح برضا أصحاب رأس المال في كل من الحالتين السابقتين.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة فيها غبن بيِّن، وجهالة فاحشة. فما سينفقه العامل على المواشي مجهول، وهو سيرعاها ويتعاهدها، والربح قد يحصل وقد لا يحصل، وإن حصل فقد يكون كثيرا، وقد يكون قليلا؛ كما ذكرت في السؤال.

وبالتالي، فهذا الشريك لن يضيع جهده فقط، بل سيضيع ما أنفقه أيضا. وعليه، فلا تصح هذه الشركة. جاء في الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: إذا اشترى شخص بعض البهائم، ودفع ثمنها كله من ماله، وتعهد شخص آخر بتربيتها وشراء الطعام لها، فهذه الشركة لا تصح؛ لأن ما يشتريه العامل من الطعام مجهول جهالة فاحشة تؤدي إلى المنازعة، فيفسد أو يبطل العقد. اهـ

ولا يمكن أيضا أن يكون الاتفاق على أن ما سيدفعه العامل في نفقة سيحسب من رأس المال لجهالة مقداره أولًا، ثم إن من شروط صحة الشركة في الأموال مطلقا أن يكون رأس مال الشركة عينا لا دينا، وأن يكون حاضرا عند العقد أو عند الشراء، فلا يمكن أن يكون دينا أو غائبا؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 113970.

ومن الصيغ المقبولة لشركة المضاربة هنا أن يدفع رب المال ماله إلى العامل ليشتري به الأغنام وما تحتاجه من علف أو أجرة راعٍ، ونحوه. وليس على العامل تحمل نفقتها أو مكان حفظها، فإذا انتهت المضاربة أحرز رأس المال، ودفع إلى صاحبه، وما زاد عليه فهو ربح يقسم بين رب المال والعامل بحسب ما اتفقا عليه. وللفائدة انظر الفتوى: 114480.

وانتفاع المضارب بلبن الماشية برضا صاحب رأس المال لا حرج فيه، ولا يؤثر في صحة المعاملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني