السؤال
أنا أعيش في فرنسا، وعمري 27 عامًا، أعزب، وأفكر بالزواج، ومنذ زمن وأنا أبحث عن شريكة لأكمل معها حياتي، ومعياري الأساس في البحث عن شريكة المستقبل هو الأدب، والأخلاق، والروح المرحة، أنا لا أنكر أن الجمال شيء مهم، وكل شخص يتمناه، ولكن الأدب، والأخلاق هو معياري الأول في البحث، والاختيار.
تعرفت إلى فتاتين في مركز تعليمي في فرنسا، وهاتان الفتاتان صديقتان منذ سنتين، ويحبان بعضهما جدًّا، إحداهن من سوريا، عمرها 25 سنة مطلقة، ولديها صبي، والثانية من العراق، أرملة عمرها 24 سنة، ولديها طفلان.
والحقيقة أنهما يشكلان ثنائيًّا مرحًا جدًّا، بالإضافة إلى أنهما ذواتا أدب، وخلق، وبما أنني أبحث عن زوجة للمستقبل، أصبحت أفكر في الموضوع بشكل جدي ومنطقي، وصرت أعقد المقارنات بينهما في نفسي، إلا أنني لم أستطع أن أفصل بينهما في مخيلتي، وفي أفكاري؛ لأنهما يكملان بعضهما، احترت كثيرًا في أمري أأختار الأولى أم الثانية؛ لأنني إذا اخترت الأولى، فسأفكر في الثانية، والعكس صحيح، بالإضافة إلى أنني تعرفت إلى أطفالهما، وأحببتهم جدًّا؛ لأنني بطبعي أحب الأطفال جدًّا.
أنا لم أحدثهما بأي شيء بعد أبدًا؛ حرصًا على مشاعرهما، ولم ألمِّح لهما بأي شيء، خصوصًا أن لهما تجربة في الزواج من قبل، وأنتم تعلمون ظلم المجتمع الذي يقع على المطلقات، والأرامل، وأنا أفكر في الأمر منذ أكثر من ثلاثة شهور، وأنا حائر في أمري؛ لذا أطلب مساعدتكم بالمشورة، والرأي. ولكم الشكر، والتقدير، والاحترام.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على الزواج، وتحريك لذات الدين، والخلق، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك ذلك.
وأكثر من الدعاء، فالخير كله بيد الله تعالى، وهو مجيب الدعاء، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}.
ونوصيك بأن لا تغتر بما قد يظهر لك من حال المرأة، فالمظاهر قد تكون خداعة أحيانًا، فلا تعجل، بل الأفضل أن تسأل من الثقات من له معرفة بهاتين المرأتين، فمن كانت منهما أفضل دينًا وخلقًا، فاستخر الله تعالى في أمرها، فإن كان في زواجك منها خير، يسره لك، وإلا صرفك عنها، فهو سبحانه علام الغيوب، وراجع في الاستخارة الفتوى رقم: 19333، والفتوى رقم: 123457.
ومن صرفك الله عنها منهما، أو من غيرهما، فلا تأسف عليها؛ لأنك قد فوضت أمرك إلى ربك، وهو القائل سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
ولتعلم أن كون المرأة مطلقة، أو من الأرامل لا يمنع شرعًا من الزواج منها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن من نسائه بكر غير عائشة -رضي الله عنها-، قال الله تعالى: عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا {التحريم:5}. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 146101، والفتوى رقم: 10522.
والله أعلم.