السؤال
بسم الله لرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز لبس كمامات الأنف طوال فترة أداء مناسك الحج كوقاية من العدوى أم هو أمر غير مستحب؟ وشكراً.
بسم الله لرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز لبس كمامات الأنف طوال فترة أداء مناسك الحج كوقاية من العدوى أم هو أمر غير مستحب؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلابس هذه الكمامات إما أن يكون ذكراً أو أنثى، فإن كان ذكراً جاز ذلك، لأن المحرم لا يمنع من ستر وجهه على الراجح من قولي أهل العلم، وإن كان ترك ذلك -إن لم تكن هناك حاجة معتبرة للبس هذه الكمامة- أولى وأحوط خروجاً من خلاف من منع ذلك من أهل العلم، ولعله يحسن هنا أن ننقل نبذه مختصرة في خلاف أهل العلم في حكم ستر المحرم لوجهه، لأن حكم هذه المسألة مفرع على ذلك، وقد لخص خلافهم مع ذكر الراجح الإمام أبو زرعة ابن الإمام عبد الرحيم العراقي في كتاب طرح التثريب، فقال بعد أن ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم، وفي آخره، ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. رواه البخاري: ظاهر قوله ولا تنتقب المرأة اختصاصها بذلك وأن الرجل ليس كذلك، وهو مقتضي ما ذكره أول الحديث في ما يتركه المحرم فإنه لم يذكر منه ساتر الوجه، ومذهب الشافعي وأحمد والجمهور أنه يجوز للمحرم ستر وجهه ولا فدية عليه، وفيه آثار عن الصحابة، وذهب أبو حنيفة ومالك إلى منعه كالرأس وهو رواية عن أحمد: وقالوا: إذا حرم على المرأة ستر وجهها مع احتياجها إلى ذلك (48) فالرجل أولى بتحريمه وتمسكوا أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته ناقته (ولا تخمروا رأسه ولا وجهه)، وأجاب الجمهور عنه بأن النهي عن تغطية وجهه إنما كان لصيانة رأسه لا لقصد كشف وجهه، ولا بد من هذا التأويل لأن المتمسكين بهذا الحديث وهم الحنفية والمالكية لا يقولون ببقاء أثر الإحرام بعد الموت لا في الرأس ولا في الوجه والجمهور يقولون لا إحرام في الوجه في حق الرجل، فحينئذ لم يقل بظاهره أحد منهم ولا بد من تأويله، على أن المالكية قالوا إنه لا فدية في تغطية المحرم وجهه إلا في رواية ضعيفة جزم بها ابن المنذر عن مالك، وبنى بعضهم هذا الخلاف على أن التغطية حرام أو مكروهة، وحكى ابن المنذر عن محمد بن الحسن أنه إن غطى ثلثه أو ربعه فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة. انتهى. وإن كان أنثى: فلا يجوز لها لبس هذه الكمامات، لأن المحرمة منهية عن ستر وجهها بما فصل على قدره كالنقاب والبرقع ونحوه، والكمامة داخلة في ذلك فهي وإن لم تكن ساترة للوجه كله، فهي ساترة لبعضه بمفصل على قدر هذا البعض، وقد نص الرملي في نهاية المحتاج على أن ستر بعض الوجه كستره كله، إلا ما لا يمكن ستر الرأس إلا به فيستر ولا فدية في ذلك، ومحل عدم جواز لبس الأنثى لهذه الكمامات إذا لم تكن ثم حاجة معتبرة للبسها، ومن الحاجة المعتبرة أن تكون هناك أمراض معدية يخشى من انتشارها، أو تكون هناك روائح يتأذى منها ونحو ذلك، فإن وجدت حاجة كهذه، جاز للمحرمة لبس الكمامة ويجب عليها إذا لبستها أن تخرج فدية أذى، لأن المحرم إذا احتاج إلى فعل محظور من محظورات الإحرام فعله وافتدى فدية أذى كما قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196]. والفدية هي: شاة تذبح بمكة وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام، على ستة مساكين ويكون ذلك في مكة أيضاً، وبهذا يعلم جواب السؤال. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني