السؤال
أنا فتاة محترمة جداً مع الناس، والكل يشهد بأخلاقي، محجبة وأصلي وأصوم، وأنا على علاقة مع زميل لي في العمل وهو متزوج، والعلاقة بيننا جنسية، وفي كل مرة أمارس الجنس معه أرجع وأندم، ولكني أسير في هذا الطريق، وهو أيضاً في مركز مرموق ومتزوج، وفي نهاية كل مرة أرجع البيت أصلي، وكأني لم أفعل شيئاً يغضب الله، أنا في حيرة... هذه العلاقة تؤلمني، ولكن في كل مرة نرجع نمارس الجنس سوياً، أفيدوني...؟
وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزنا من كبائر الذنوب، وقد وصفه الله عز وجل بقوله: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
وقد وردت النصوص من القرآن والسنة في توعد الزناة بالعذاب، من ذلك قوله سبحانه في وصف عباد الرحمن في آخر سورة الفرقان: وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً... [الفرقان].
فنسأل الله أن يحمي أعراض المسلمين والمسلمات، وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولتعلمي أيتها الأخت السائلة أن ما وقعت فيه من الزنا ليس وليد يوم أو يومين، بل هو نتيجة خطوات استدرجك الشيطان إلى سلوكها والسير فيها.
وقد جاء نص القرآن الكريم صريحاً في تحريم قرب أسباب الزنا من النظر المحرم، والاختلاط الممقوت، والخلوة المحظورة، فقال الله -عزَّ وجل-: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32].
فكان من الواجب على الأخت السائلة أن تسأل في أول أمرها عن حكم العمل في أماكن مختلطة، وعن حكم الخلوة بالرجال الأجانب، وعن حكم التحدث مع غير المحارم، لكن لما حصل التفريط في كل ذلك وقعت في محظور من أعظم المحظورات، فنسأل الله أن يتوب عليك.
والواجب عليك -أيتها الأخت- الآن أن تتوبي إلى الله تعالى مما صنعت، وذلك بترك هذه الفاحشة التي تقشعر لها أبدان المؤمنين، وتنبو عنها أسماع الصالحين، ولا بد من الندم واحتراق القلب على ما مضى فيها من الزمان، مع العزم الأكيد على عدم العودة إليها في المستقبل، والله تعالى يقبل توبة التائبين ويغفر ذنوب المستغفرين، ولتراجعي الفتويين: 1117، 12488.
ومما يعينك على التوبة ترك مكان العمل الذي تعملين فيه، لأنه السبب الرئيسي للوقوع في الفاحشة، ولا يزال التائب ناسياً لفعل المعصية معرضاً عنها حتى يتلبس بمكان فعلها فيقع الشوق في قلبه إليها، ويستدرجه الشيطان للعودة إليها، ولمعرفة المزيد عن العوامل المساعدة على التوبة راجعي الفتاوى التالية: 26411، 23231، 21807، 31870، 34645، 3539.
كما يجب عليك الاستتار بستر الله تعالى، وعدم إشاعة أمرك بين من تعرفين، وراجعي في هذا الفتوى: 32540.
ومن أعظم الأدوية النافعة لك المسارعة بالبحث عن زوج يحصن فرجك، ويتولى أمرك، اسألي الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً، فمفاتح الغيب بيد الله تعالى، وهو على كل شيء قدير.
وما ذكرته -أيتها الأخت السائلة- من كونك محجبة، وتصلين أقوى دافع لك على ترك ما أنت فيه، لأن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النحل].
والله نسأل أن يتوب عليك، ويهيئ لك من أمرك رشداً، وأن يشرح صدرك، وأن يلهمك رشدك.
والله أعلم.