السؤال
لي أخوان وأخت، وأنا متزوج، وزوجتي قبيل الوضع ببنت -إن شاء الله-، وأقيم في المملكة العربية السعودية بغرض العمل، ووالدتي تحبني حبًّا جمًّا، ولا تصبر على فراقي، ودومًا تطلب مني إنهاء عملي الحالي، والرجوع إلى جانبها، وأنا أعدها، وأعمل حقًّا على بناء مشروع خاص بي إلى جانبها؛ حتى لا أترك العمل دون أخذ بالأسباب، وحتى أستطيع الموازنة بين أمي وإعطائها أولوية، مع الحفاظ على قدر من الاستقرار -بأمر الله- لأسرتي، فأرجو النصيحة، وشكرًا جزيلًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما للوالدين من مكانة في الإسلام، وأن الله عز وجل أمر ببرهما، والإحسان إليهما، وأنه قرن حقه بحقهما، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{الإسراء:23}، ويتأكد البر في حق الأم خاصة، فهي التي حملت ولدها في بطنها، وأرضعته من ثديها، وتعبت وسهرت من أجله، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ { لقمان:14}.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
فمهما أمكنك إرضاء أمك والرجوع إليها، فافعل، وهذا هو الأتم والأكمل.
وإن أصرت على رجوعك، وليس هنالك مسوغ شرعي، فلا يلزمك طاعتها في ذلك، فقد نص أهل العلم على أنه يجوز للولد السفر للتجارة بغير إذن والديه، إن لم يُخْش عليه من ذلك ضرر، وأمن على والديه الضياع بعده، قال السرخسي الحنفي: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد -لتجارة، أو حج، أو عمرة-، فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة، فلا بأس بأن يخرج؛ لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة... اهـ.
ونؤكد في الختام على أهمية اجتهادك في إرضاء أمك بكل حال.
والله أعلم.